للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لَوْ كَانَ بُسْتَانًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَدَفَعَهُ أَحَدُهُمَا إِلَى الآْخَرِ مُسَاقَاةً مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ بَيْنَهُمَا مُثَالَثَةً، ثُلُثَاهُ لِلْعَامِل وَثُلُثُهُ لِلْمَالِكِ، فَإِنَّهُ تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ، وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ، وَلاَ شَيْءَ لِلْعَامِل، وَهَذَا لأَِنَّ الْمُسَاقَاةَ إِجَارَةٌ فِي الْمَعْنَى، وَلاَ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الإِْنْسَانِ لِلْعَمَل فِي شَيْءٍ هُوَ فِيهِ شَرِيكٌ، وَلأَِنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الإِْجَارَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَسْلِيمَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَتَسْلِيمُهُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ، لأَِنَّ كُل جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْبُسْتَانِ الَّذِي يَعْمَل فِيهِ هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، فَيَكُونُ عَامِلاً فِيهِ لِنَفْسِهِ فَلاَ يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ (١) .

وَخَالَفَ الشَّافِعِيَّةُ فِي ذَلِكَ: فَأَجَازُوا مُسَاقَاةَ الشَّرِيكِ بِشَرْطَيْنِ: أَوَّلُهُمَا: أَنْ يَشْرِطَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ زِيَادَةً عَلَيْهَا لَمْ تَصِحَّ، لِخُلُوِّهَا عَنِ الْعِوَضِ وَلاَ أُجْرَةَ لَهُ بِالْعَمَل لأَِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَالآْخَرُ: أَنْ يَسْتَبِدَّ الْعَامِل بِالْعَمَل وَيَسْتَقِل بِهِ حَتَّى لَوْ شَارَكَهُ الْمَالِكُ بِالْعَمَل لَمْ تَصِحَّ (٢) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَإِنْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ وَجَعَل لَهُ مِنَ الثَّمَرِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِثْل أَنْ يَكُونَ الأَْصْل بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَجَعَل لَهُ ثُلُثَيِ


(١) الهداية ٣ / ١٧٨.
(٢) الوجيز ١ / ٢٢٧، ومغني المحتاج ٢ / ٣٢٧.