للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَدَهَا (١) وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِتَحَمُّل هَذِهِ الْمَشَاقِّ مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصَفَهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ بِقَوْلِهِ: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (٢) فَهَذِهِ الْمَشَاقُّ كُلُّهَا لاَ أَثَرَ لَهَا فِي إِسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ (٣) .

١٣ - الضَّرْبُ الثَّانِي: مَشَقَّةٌ تَنْفَكُّ عَنْهَا الْعِبَادَاتُ غَالِبًا وَهِيَ أَنْوَاعٌ:

النَّوْعُ الأَْوَّل: مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فَادِحَةٌ كَمَشَقَّةِ الْخَوْفِ عَلَى النَّفُوسِ وَالأَْطْرَافِ وَمَنَافِعِ الأَْطْرَافِ، فَهَذِهِ مَشَقَّةٌ مُوجِبَةٌ لِلتَّخْفِيفِ وَالتَّرْخِيصِ لأَِنَّ حِفْظَ الْمُهَجِ وَالأَْطْرَافِ لإِِقَامَةِ مَصَالِحِ الدَّارَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْرِيضِهَا لِلْفَوَاتِ فِي عِبَادَةٍ أَوْ عِبَادَاتٍ ثُمَّ تَفُوتُ أَمْثَالُهَا (٤) .

النَّوْعُ الثَّانِي: مَشَقَّةٌ خَفِيفَةٌ كَأَدْنَى وَجَعٍ فِي إِصْبَعٍ أَوْ أَدْنَى صُدَاعٍ أَوْ سُوءِ مِزَاجٍ خَفِيفٍ، فَهَذَا لاَ أَثَرَ لَهُ وَلاَ الْتِفَاتَ إِلَيْهِ لأَِنَّ تَحْصِيل مَصَالِحِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ الَّتِي لاَ أَثَرَ لَهَا (٥) .

النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَشَاقُّ وَاقِعَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَشَقَّتَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْخِفَّةِ وَالشِّدَّةِ فَمَا دَنَا


(١) حديث: " لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ". أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ٥١٣) ، ومسلم (٣ / ١٣١٥) من حديث عائشة.
(٢) سورة التوبة / ١٢٨.
(٣) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ٢ / ٧.
(٤) قواعد الأحكام ٢ / ٧ - ٨.
(٥) قواعد الأحكام ٢ / ٧ - ٨.