للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٧ - وَيَجِبُ اسْتِنْقَاذُ الأَْسْرَى بِالْمُقَاتَلَةِ مَا دَامَ ذَلِكَ مَيْسُورًا، فَإِذَا دَخَل الْمُشْرِكُونَ دَارَ الإِْسْلاَمِ فَأَخَذُوا الأَْمْوَال وَالذَّرَارِيَّ وَالنِّسَاءَ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِمْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُمْ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ مَا دَامُوا فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، فَإِنْ دَخَلُوا بِهِمْ دَارَ الْحَرْبِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ إِذَا غَلَبَ عَلَى رَأْيِهِمْ أَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى اسْتِنْقَاذِهِمْ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الْقِتَال لِتَخْلِيصِهِمْ فَتَرَكُوهُ كَانُوا فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ فِي يَدِ الْكُفَّارِ بَعْضَ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ يَجِبُ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنَّا الْخُرُوجُ لِقِتَالِهِمْ لاِسْتِنْقَاذِ الأَْسْرَى. (١)

٥٨ - وَالاِسْتِنْقَاذُ إِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ عَنْ طَرِيقِ الْقِتَال فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَنْ طَرِيقِ الْفِدَاءِ بِتَبَادُل الأَْسْرَى، عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُ الْقَوْل فِيهِ، كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِالْمَال أَيْضًا، لِقَوْل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ لأَِنَّ مَا يُخَافُ مِنْ تَعْذِيبِ الأَْسِيرِ أَعْظَمُ فِي الضَّرُورَةِ مِنْ بَذْل الْمَال، فَجَازَ دَفْعُ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِأَخَفِّهِمَا. (٢)

وَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَال، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفْتَدُوهُ. وَنَقَل أَبُو يُوسُفَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: " كُل أَسِيرٍ كَانَ فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَفِكَاكُهُ فِي بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ " (٣) . وَهُوَ


(١) شرح السير الكبير ١ / ٢٠٧. والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل ٣ / ٣٨٧، وفتح الوهاب شرح منهج الطلاب ٢ / ١٧١. وحاشية الجمل ٥ / ١٥٢. والمغني ١٠ / ٤٩٨.
(٢) المغني ١٠ / ٤٩٨، والتاج والإكليل ٣ / ٣٨٨، والمذهب ٢ / ٢٦٠.
(٣) أثر: " كل أسير كان في أيدي المشركين. . . ". أخرجه أبو يوسف من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفا عليه. (كتاب الخراج لأبي يوسف ص ١٩٦ نشر المكتبة السلفية ١٣٥٢ هـ) .