للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَشْرُوعَةِ لاَ تَتَعَدَّى الْمَعْنَى الَّذِي تَدُل عَلَيْهِ فِي اللُّغَةِ، وَيَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ إِلْصَاقِ صَفْحِ الْكَفِّ بِالْكَفِّ.

وَاسْتَدَل لِهَذَا الرَّأْيِ بِقَوْل عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَرَوْنَ كَفِّي هَذِهِ، فَأَشْهَدُ أَنَّنِي وَضَعْتُهَا عَلَى كَفِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ (١) .

وَيُسْتَحَبُّ فِي الْمُصَافَحَةِ أَنْ تَكُونَ إِثْرَ التَّلاَقِي مُبَاشَرَةً مِنْ غَيْرِ تَوَانٍ وَلاَ تَرَاخٍ وَأَنْ لاَ يَفْصِل بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللِّقَاءِ سِوَى الْبَدْءُ بِالسَّلاَمِ، لِقَوْل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْل أَنْ يَفْتَرِقَا (٢) ، حَيْثُ عَطَفَ الْمُصَافَحَةَ عَلَى التَّلاَقِي بِالْفَاءِ، وَهِيَ تُفِيدُ التَّرْتِيبَ وَالتَّعْقِيبَ وَالْفَوْرِيَّةَ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمُصَافَحَةِ هُوَ أَوَّل اللِّقَاءِ (٣) ، وَأَمَّا أَنَّ الْبَدْءَ بِالسَّلاَمِ يَسْبِقُهَا (٤) فَقَدْ دَل عَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول:


(١) حديث: " ترون كفي هذه فأشهد. . . ". أخرجه أحمد (٤ / ١٨٩) .
(٢) حديث: " ما من مسلمين يلتقيان. . . ". أخرجه أبو داود (٥ / ٣٨٨) ، والترمذي (٥ / ٧٤) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ".
(٣) دليل الفالحين ٣ / ٣٦٦، والفتوحات الربانية ٥ / ٣٩٤، وعون المعبود ١٤ / ١٢٠.
(٤) المرقاة ٨ / ٤٥٨، ٤٦١، وحاشية ابن عابدين ٩ / ٥٤٨.