للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلثَّانِي أُجْرَتُهُ هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ لأَِنَّهُ لَمْ يَعْمَل مَجَّانًا، وَقِيل: الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلثَّانِي لأَِنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ بِإِِِذْنِ الْمَالِكِ فَأَشْبَهَ الْغَاصِبَ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، أَمَّا لَوِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لِنَفْسِهِ فَيَقَعُ لِنَفْسِهِ، وَإِِِنِ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَال الْمُضَارَبَةِ فَبَاطِلٌ شِرَاؤُهُ لأَِنَّهُ فُضُولِيٌّ (١) .

وَلِلْعَامِل أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ بِنَسِيئَةٍ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ إِِذَا أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَال لأَِنَّ الْمَنْعَ لَحِقَهُ وَقَدْ زَال بِإِِِذْنِهِ، وَمَعَ الْجَوَازِ يَنْبَغِي أَنْ لاَ يُبَالِغَ فِي الْغَبْنِ فَيَبِيعَ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِعَشَرَةٍ، بَل يَبِيعُ بِمَا تَدُل الْقَرِينَةُ عَلَى ارْتِكَابِهِ عَادَةً فِي مِثْل ذَلِكَ، فَإِِِنْ بَالَغَ لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ، وَيَجِبُ الإِِِْشْهَادُ فِي النَّسِيئَةِ وَإِِِلاَّ ضَمِنَ، بِخِلاَفِ الْحَال، لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالإِِِْشْهَادِ فِي الْبَيْعِ الْحَال (٢) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَال أَنْ يَنُصَّ لِلْمُضَارِبِ عَلَى التَّصَرُّفِ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً وَلَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ لأَِنَّ الْمُضَارِبَ مُتَصَرِّفٌ بِالإِِِْذْنِ، فَلاَ يَتَصَرَّفُ فِي غَيْرِ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ، وَلأَِنَّ ذَلِكَ لاَ يَمْنَعُ مَقْصُودَ الْمُضَارَبَةِ، وَقَدْ يُطْلَبُ بِذَلِكَ الْفَائِدَةُ فِي الْعَادَةِ (٣) .

وَقَالُوا: لَيْسَ لِلْعَامِل أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ


(١) نهاية المحتاج ٥ / ٢٢٧، ٢٢٨، ٢٣٢.
(٢) نهاية المحتاج وحاشية الشبراملسي ٥ / ٢٢٩ - ٢٣١، والمهذب ١ / ٣٨٧، ومغني المحتاج ٢ / ٣١٥.
(٣)) المغني ٥ / ٣٩.