للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَوْ قَال الْمُضَارِبُ: دَفَعْتُ إِِلَيَّ مُضَارَبَةً، وَقَال رَبُّ الْمَال: بَل أَقْرَضْتُكَ، فَالْقَوْل قَوْل الْمُضَارِبِ لأَِنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الأَْخْذَ كَانَ بِإِِِذْنِ رَبِّ الْمَال، وَرَبُّ الْمَال يَدَّعِي عَلَى الْمُضَارِبِ الضَّمَانَ وَهُوَ يُنْكِرُ فَكَانَ الْقَوْل لَهُ، فَإِِِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لَهُمَا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَال لأَِنَّهَا تُثْبِتُ أَصْل الضَّمَانِ (١) .

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: لَوْ قَال رَبُّ الْمَال: أَعْطَيْتُكَ الْمَال مُضَارَبَةً، وَقَال الْعَامِل: بَل سَلَفًا. فَالْقَوْل قَوْل الْعَامِل، لأَِنَّ رَبَّ الْمَال هُنَا مُدَّعٍ فِي الرِّبْحِ فَلاَ يُصَدَّقُ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً قَال لِرَجُل: لَكَ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً، وَقَال رَبُّ الْمَال بَل هِيَ عِنْدَكَ سَلَفًا، فَالْقَوْل قَوْل رَبِّ الْمَال (٢) .

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - كَمَا قَال الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - لَوْ قَال الْمَالِكُ: مُضَارَبَةً، وَقَال الآْخَرُ: قَرْضًا، عِنْدَ بَقَاءِ الْمَال وَرِبْحِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْل قَوْل مُدَّعِي الْقَرْضِ لأُِمُورِ مِنْهَا: أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى جَعْل الرِّبْحِ لَهُ بِقَوْلِهِ: اشْتَرَيْتُ هَذَا لِي فَإِِِنَّهُ يَكُونُ الْقَوْل قَوْلَهُ، وَلَوِ انْعَكَسَ قَوْلُهُمَا بَعْدَ تَلَفِ الْمَال فِي يَدِ الْعَامِل صُدِّقَ الْعَامِل - كَمَا أَفَتَى الأَْنْصَارِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَابْنُ الصَّلاَحِ - لأَِنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ وَالأَْصْل عَدَمُ الضَّمَانِ، وَإِِِنْ


(١) بدائع الصنائع ٦ / ١١٠.
(٢) المدونة ٥ / ١٢٧.