للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأَِنَّ الأَْنْفَ وَالْفَمَ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَلَكِنْ مِنَ الْمُسْتَحَبِّ أَنْ يَبْدَأَ بِهِمَا قَبْل الْوَجْهِ، لأَِنَّ كُل مَنْ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ أَنَّهُ بَدَأَ بِهِمَا إِِلاَّ شَيْئًا نَادِرًا.

وَقَال النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْمَضْمَضَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الاِسْتِنْشَاقِ سَوَاءٌ جَمَعَ أَوْ فَصَل بِغَرْفَةٍ أَوْ بِغَرَفَاتٍ، وَفِي هَذَا التَّقْدِيمِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمِّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَوَلَدُهُ إِِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ شَرْطٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلاَ يُحْسَبُ الاِسْتِنْشَاقُ إِِلاَّ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ، لأَِنَّهُمَا عُضْوَانِ مُخْتَلِفَانِ فَاشْتُرِطَ فِيهِمَا التَّرْتِيبُ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ (١) .

٦ - أَمَّا التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَسَائِرِ الأَْعْضَاءِ غَيْرَ الْوَجْهِ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ:

إِِحْدَاهُمَا: يَجِبُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ لأَِنَّهَا مِنَ الْوَجْهِ فَوَجَبَ غَسْلُهَا قَبْل غَسْل الْيَدَيْنِ لِلآْيَةِ وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ أَجْزَائِهِ.

وَالثَّانِيَةُ: لاَ يَجِبُ، بَل لَوْ تَرَكَهَا فِي وُضُوئِهِ وَصَلَّى تَمَضْمَضَ وَأَعَادَ الصَّلاَةَ وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ، لِمَا رَوَى الْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِ يَكْرِبَ


(١) المجموع ١ / ٣٦٢، والقليوبي وعميرة ١ / ٥٣، والقوانين الفقهية ص ٣٠ والمغني ١ / ١٢٢.