للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُنَّتِهِ الشَّرِيفَةِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ (١) .

وَكَانَ قَضَاءُ الْمَظَالِمِ دَاخِلاً - بِحَسَبِ أَصْلِهِ - فِي الْقَضَاءِ الْعَادِيِّ، وَكَانَ يَتَوَلَّى الْفَصْل فِي الْمَظَالِمِ الْقُضَاةُ وَالْخُلَفَاءُ وَالأُْمَرَاءُ، ثُمَّ صَارَ قَضَاءً مُسْتَقِلًّا، وَلَهُ وِلاَيَةٌ خَاصَّةٌ.

قَال أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَمَّا وِلاَيَةُ الْمَظَالِمِ فَهِيَ وِلاَيَةٌ غَرِيبَةٌ، أَحْدَثَهَا مَنْ تَأَخَّرَ مِنَ الْوُلاَةِ لِفَسَادِ الْوِلاَيَةِ، وَفَسَادِ النَّاسِ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ كُل حُكْمٍ يَعْجِزُ عَنْهُ الْقَاضِي، فَيَنْظُرُ فِيهِ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ يَدًا، وَذَلِكَ أَنَّ التَّنَازُعَ إِِذَا كَانَ بَيْنَ ضَعِيفَيْنِ قَوَّى أَحَدَهُمَا الْقَاضِي، وَإِِِذَا كَانَ بَيْنَ قَوِيٍّ وَضَعِيفٍ، أَوْ قَوِيَّيْنِ، وَالْقُوَّةُ فِي أَحَدِهِمَا بِالْوِلاَيَةِ، كَظُلْمِ الأُْمَرَاءِ وَالْعُمَّال، فَهَذَا مِمَّا نَصَبَ لَهُ الْخُلَفَاءُ أَنْفُسَهُمْ (٢) .

وَبَيَّنَ الْمَاوَرْدِيُّ الْحِكْمَةَ مِنْ ظُهُورِ قَضَاءِ الْمَظَالِمِ، فَقَال: وَلَمْ يُنْتَدَبْ لِلْمَظَالِمِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الأَْرْبَعَةِ (الرَّاشِدِينَ) أَحَدٌ، لأَِنَّهُمْ كَانُوا فِي الصَّدْرِ الأَْوَّل، مَعَ ظُهُورِ الدِّينِ عَلَيْهِمْ، بَيْنَ مَنْ يَقُودُهُ التَّنَاصُفُ إِِلَى الْحَقِّ، أَوْ يَزْجُرُهُ الْوَعْظُ عَنِ الظُّلْمِ، وَإِِِنَّمَا كَانَتِ الْمُنَازَعَاتُ تَجْرِي بَيْنَهُمْ فِي أُمُورٍ مُشْتَبِهَةٍ،


(١) مغني المحتاج ٤ / ٣٧٢، والحسبة لابن تميمة ص ٨٢.
(٢) أحكام القرآن لابن العربي ٤ / ١٦٣١ ط. عيسى الحلبي