للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمْ يَتَعَرَّضْ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ لِهَذَا التَّقْسِيمِ، وَاَلَّذِي يَبْدُو مِمَّا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ تَعْلِيقُ الإِْسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ عَلَى الشَّرْطِ مُطْلَقًا، دُونَ تَفْرِيقٍ بَيْنَ مَا يُحْلَفُ بِهِ وَمَا لاَ يُحْلَفُ بِهِ، وَيَدُل لِذَلِكَ الضَّابِطُ الَّذِي وَضَعَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ: مَا كَانَ تَمْلِيكًا مَحْضًا لاَ مَدْخَل لِلتَّعْلِيقِ فِيهِ قَطْعًا كَالْبَيْعِ، وَمَا كَانَ حِلًّا مَحْضًا، يَدْخُلُهُ التَّعْلِيقُ قَطْعًا كَالْعِتْقِ، وَبَيْنَهُمَا مَرَاتِبُ يَجْرِي فِيهَا الْخِلاَفُ كَالْفَسْخِ وَالإِْبْرَاءِ. (١)

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَإِنَّ الْمَسَائِل الَّتِي ذَكَرُوا أَنَّهَا تَقْبَل التَّعْلِيقَ تُفِيدُ هَذَا الْمَعْنَى. وَقَدْ وَرَدَ الْكَثِيرُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِل فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ عُلَيْشٍ الْمَالِكِيِّ، وَمِنْهَا: إِذَا طَلَبَتِ الْحَاضِنَةُ الاِنْتِقَال بِالأَْوْلاَدِ إِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ، فَقَال الأَْبُ: إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَنَفَقَتُهُمْ وَكِسْوَتُهُمْ عَلَيْكَ، لَزِمَهَا ذَلِكَ، لأَِنَّ لِلأَْبِ مَنْعَهَا مِنَ الْخُرُوجِ بِهِمْ إِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ، فَأَسْقَطَ حَقَّهُ بِذَلِكَ. وَإِذَا قَال الشَّفِيعُ: إِنِ اشْتَرَيْتَ ذَلِكَ الشِّقْصَ فَقَدْ سَلَّمْتُ لَكَ شُفْعَتِي عَلَى دِينَارٍ تُعْطِينِي إِيَّاهُ، فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ مِنْكَ فَلاَ جُعْل لِي عَلَيْكَ، جَازَ ذَلِكَ. (٢)

٢٥ - (ب) إِسْقَاطَاتٌ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ، كَالْخُلْعِ وَالْمُكَاتَبَةِ. (٣) وَمَا يَلْحَقُ بِهِمَا مِنَ الطَّلاَقِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ.

فَالطَّلاَقُ عَلَى مَالٍ وَكَذَا الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ


(١) المنثور في قواعد الزركشي ١ / ٣٧٧، والأشباه للسيوطي ص ٢٨٧.
(٢) فتح العلي المالك ١ / ٢٦٧، ٣٠٧، وانظر شرح منتهى الإرادات ٢ / ٣٠٠، ٣٠٨، ٣٣٠.
(٣) المكاتبة: اتفاق بين العبد ومالكه على عتقه بدفع مال محدد في أجل معين، مع إطلاق يده خلاله في التصرف.