للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَتْ أَوْ دَارِسَةٍ، مَنْبُوشَةٍ أَمْ لاَ، لِمُسْلِمٍ كَانَتْ أَوْ لِمُشْرِكٍ (١) .

وَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ الْكَلاَمَ فَقَالُوا: لاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ فِي الْمَقْبَرَةِ الَّتِي تَحَقَّقَ نَبْشُهَا بِلاَ خِلاَفٍ فِي الْمَذْهَبِ، لأَِنَّهُ قَدِ اخْتَلَطَ بِالأَْرْضِ صَدِيدُ الْمَوْتَى، هَذَا إِذَا لَمْ يُبْسَطْ تَحْتَهُ شَيْءٌ، وَإِنْ بُسِطَ تَحْتَهُ شَيْءٌ تُكْرَهُ.

وَأَمَّا إِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ نَبْشِهَا صَحَّتِ الصَّلاَةُ بِلاَ خِلاَفٍ لأَِنَّ الْجُزْءَ الَّذِي بَاشَرَهُ بِالصَّلاَةِ طَاهِرٌ، وَلَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لأَِنَّهَا مَدْفِنُ النَّجَاسَةِ.

وَأَمَّا إِنْ شَكَّ فِي نَبْشِهَا فَقَوْلاَنِ: أَصَحُّهُمَا: تَصِحُّ الصَّلاَةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لأَِنَّ الأَْصْل طَهَارَةُ الأَْرْضِ فَلاَ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا بِالشَّكِّ، وَفِي مُقَابِل الأَْصَحِّ: لاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ الْفَرْضِ فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ يَشُكُّ فِي إِسْقَاطِهِ، وَالْفَرْضُ لاَ يَسْقُطُ بِالشَّكِّ (٢) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ فِي الْمَقْبَرَةِ قَدِيمَةً كَانَتْ أَوْ حَدِيثَةً، تَكَرَّرَ نَبْشُهَا أَوْ لاَ، وَلاَ يَمْنَعُ مِنَ الصَّلاَةِ قَبْرٌ وَلاَ قَبْرَانِ، لأَِنَّهُ لاَ يَتَنَاوَلُهَا اسْمُ الْمَقْبَرَةِ وَإِنَّمَا الْمَقْبَرَةُ ثَلاَثَةُ قُبُورٍ فَصَاعِدًا. وَرُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّ كُل مَا دَخَل فِي اسْمِ الْمَقْبَرَةِ مِمَّا حَوْل الْقُبُورِ لاَ يُصَلَّى فِيهِ.


(١) جواهر الإكليل ١ / ٣٥.
(٢) المجموع ٣ / ١٥٧، ١٥٨، والقليوبي ١ / ١٥٩.