للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَل عَلَيْهَا. قَال: هَل تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لاَ. قَال: فَهَل عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ. قَال: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. قَال أَبُو قَتَادَةَ: صَل عَلَيْهِ يَا رَسُول اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ (١) فَدَل الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَدِينِ الَّذِي لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً (٢) .

وَعَلَّل أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ بِأَنَّ الْمَوْتَ لاَ يُنَافِي بَقَاءَ الدَّيْنِ لأَِنَّهُ مَالٌ حُكْمِيٌّ، فَلاَ يَفْتَقِرُ بَقَاؤُهُ إِلَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ، وَلِهَذَا بَقِيَ إِذَا مَاتَ مَلِيئًا حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهِ، وَكَذَا بَقِيَتِ الْكَفَالَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُفْلِسًا (٣) .

وَبَنَى الشَّافِعِيَّةُ قَوْلَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ - وَهُوَ الْمَدِينُ - لأَِنَّ قَضَاءَ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ جَائِزٌ فَالْتِزَامُهُ أَوْلَى، كَمَا يَصِحُّ الضَّمَانُ عَنِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً (٤) .

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ - وَهُوَ قَوْل أَبِي ثَوْرٍ - إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَكْفُول لَهُ أَنْ يَكُونَ مَلِيئًا، حَتَّى يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُول بِهِ إِمَّا


(١) حديث: " كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتي بجنازة فقالوا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ٤٦٧ ط السلفية) .
(٢) المراجع السابقة، وتبيين الحقائق ٤ / ١٥٩ - ١٦٠.
(٣) بدائع الصنائع ٦ / ٦، وتبيين الحقائق ٤ / ١٥٩ - ١٦٠.
(٤) مغني المحتاج ٢ / ٢٠٠.