للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَذْمُومَةُ، فَيُقَال: فُلاَنٌ لَهُ نَفْسٌ: أَيْ مَذْمُومَةُ الأَْحْوَال، وَأَيْضًا: فَإِنَّ النَّفْسَ لَمَّا كَانَتْ حَال تَعَلُّقِهَا بِالْبَدَنِ يَكْثُرُ عَلَيْهَا اتِّبَاعُ هَوَاهَا صَارَ لَفْظُ " النَّفْسِ " يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ النَّفْسِ الْمُتَّبِعَةِ لِهَوَاهَا، أَوْ عَنِ اتِّبَاعِهَا الْهَوَى، بِخِلاَفِ لَفْظِ " الرُّوحِ " فَإِنَّهُ لاَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ ذَلِكَ (١) .

وَقَال الْفَيُّومِيُّ: وَالنَّفْسُ أُنْثَى إِنْ أُرِيدَ بِهَا الرُّوحُ، قَال تَعَالَى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} (٢) ، وَإِنْ أُرِيدَ الشَّخْصُ فَمُذَكَّرٌ (٣) .

وَحَكَى الْكَفَوِيُّ فِي الْكُلِّيَّاتِ أَنَّ الإِْنْسَانَ لَهُ نَفْسَانِ: نَفْسٌ حَيَوَانِيَّةٌ، وَنَفْسٌ رُوحَانِيَّةٌ.

فَالنَّفْسُ الْحَيَوَانِيَّةُ لاَ تُفَارِقُهُ إِلاَّ بِالْمَوْتِ، وَالنَّفْسُ الرُّوحَانِيَّةُ - الَّتِي هِيَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ - هِيَ الَّتِي تُفَارِقُ الإِْنْسَانَ عِنْدَ النَّوْمِ، وَإِلَيْهَا الإِْشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَْنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ الْحَيَاةَ لِلنَّائِمِ رَدَّ عَلَيْهِ رُوحَهُ فَاسْتَيْقَظَ، وَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ أَمْسَكَ عَنْهُ رُوحَهُ فَيَمُوتُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِل الأُْخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} أَمَّا النَّفْسُ الْحَيَوَانِيَّةُ فَلاَ تُفَارِقُ الإِْنْسَانَ بِالنَّوْمِ، وَلِهَذَا يَتَحَرَّكُ النَّائِمُ، وَإِذَا


(١) رسالة في العقل والروح ٢ / ٤٠.
(٢) سورة النساء / ١.
(٣) المصباح المنير.