للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُ قَال: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ (١) وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّلاَمِ عَلَى الْمَوْتَى، حَيْثُ جَاءَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ إِذَا زَارُوا الْقُبُورَ أَنْ يَقُولُوا: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْل الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكَمْ لَلاَحِقُونَ (٢) .

قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَهَذَا خِطَابٌ لِمَنْ يَسْمَعُ وَيَعْقِل، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَكَانَ هَذَا الْخِطَابُ بِمَنْزِلَةِ خِطَابِ الْمَعْدُومِ وَالْجَمَادِ، وَالسَّلَفُ مُجْمِعُونَ عَلَى هَذَا، وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الآْثَارُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ يَعْرِفُ زِيَارَةَ الْحَيِّ لَهُ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِ (٣) .

وَجَاءَ فِي فَتَاوَى الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلاَمِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَيِّتَ يَعْرِفُ الزَّائِرَ، لأَِنَّا أُمِرْنَا بِالسَّلاَمِ عَلَيْهِمْ، وَالشَّرْعُ لاَ يَأْمُرُ بِخِطَابِ مَنْ لاَ يَسْمَعُ (٤) .


(١) حديث: " إن العبد إذا وضع في قبره. . . ". أخرجه مسلم (٤ / ٢٢٠٠ - ٢٢٠١ - ط عيسى الحلبي) ضمن حديث طويل عن أنس رضي الله عنه.
(٢) حديث: " السلام على أهل الديار من المؤمنين. . . ". أخرجه مسلم (٢ / ٦٦٩ - ط عيسى الحلبي) من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.
(٣) الروح ص ٧، ٨.
(٤) فتاوى العز بن عبد السلام ص ٤٤.