للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْمَنْفَعَةِ قَبْل انْقِضَاءِ أَمَدِهَا، هَل تَبْطُل الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ بِمَوْتِهِ، أَمْ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَنْتَقِل إِلَى وَرَثَتِهِ حَتَّى نِهَايَةِ مُدَّتِهَا؟ وَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِلْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ مَا تَبَقَّى مِنْ مُدَّةِ الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ بِهَا يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ، وَلاَ يُورَثُ عَنْهُ، بَل تَعُودُ الْعَيْنُ إِلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي بِحُكْمِ الْمِلْكِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُوصِي قَدْ أَوْجَبَ الْحَقَّ لِلْمُوصَى لَهُ لِيَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ، فَإِذَا انْتَقَل هَذَا الْحَقُّ إِلَى وَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَيَكُونُ كَأَنَّهُمُ اسْتَحَقُّوهُ ابْتِدَاءً مِنْ مِلْكِ الْمُوصِي مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ، وَلأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ عَرَضٌ، وَالْعَرَضُ لاَ يَبْقَى زَمَانَيْنِ حَتَّى يَكُونَ مَحَلًّا لِلتَّوَارُثِ (١) .

وَالثَّانِي: لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ يَمْلِكُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ، وَعَلَى ذَلِكَ: فَإِذَا مَاتَ، فَإِنَّهَا لاَ تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ، بَل تَنْتَقِل إِلَى وَرَثَتِهِ فِيمَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الْمُدَّةِ إِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَتْ عَلَى التَّأْبِيدِ لأَِنَّهَا مَالٌ، فَتُورَثُ عَنْهُ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ.

وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ حَالَةَ مَا إِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ


(١) رد المحتار ٥ / ٤٥٨، وبدائع الصنائع ٦ / ١١٨، وتكملة الفتح والعناية ١٠ / ٤٨٧.