للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْمَوْتِ قَبْل الْقَبْضِ، وَلأَِنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ قَبْلَهُ، فَبَطَل بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، كَالْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ.

وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ، حَيْثُ نَصُّوا عَلَى عَدَمِ انْفِسَاخِ الْهِبَةِ بِمَوْتِ الْمُتَّهِبِ قَبْل الْقَبْضِ، لأَِنَّهُ عَقْدٌ يَئُول إِلَى اللُّزُومِ، فَلَمْ يَبْطُل بِالْمَوْتِ، كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، وَيَقُومُ وَارِثُ الْمُتَّهِبِ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فِي الْقَبْضِ (١) .

وَالثَّانِي: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إِذَا مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِالْهِبَةِ، فَإِنَّهَا لاَ تَبْطُل، وَيَقُومُ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فِي الْقَبُول أَوِ الرَّدِّ، إِلاَّ إِذَا كَانَ الْوَاهِبُ يَقْصِدُ شَخْصَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَذَاتَهُ لَفْظًا أَوْ بِدَلاَلَةِ قَرَائِنِ الأَْحْوَال، فَحِينَئِذٍ تَبْطُل الْهِبَةُ بِمَوْتِهِ قَبْل الْقَبُول، لأَِنَّ الْحَقَّ هَاهُنَا شَخْصِيٌّ، فَيَنْتَهِي بِمَوْتِ صَاحِبِهِ، وَلاَ يَنْتَقِل إِلَى وَرَثَتِهِ.

أَمَّا إِذَا مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْهِبَةِ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رَدٌّ حَتَّى مَاتَ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ قَابِلاً


(١) رد المحتار ٥ / ٧٠١، والمهذب ١ / ٤٥٤، ومغني المحتاج ٢ / ٤٠١، ونهاية المحتاج ٥ / ٤١٢، وأسنى المطالب ٢ / ٤٨٢، وكشاف القناع ٤ / ٣٠٣، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٥٢٠، والمغني ٨ / ٢٤٣، وانظر م (٨٣) من مرشد الحيران وم (٨٤٩) من المجلة العدلية وم (٩٠٥) من مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد.