للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ إِلَى أَنَّ الْعِدَةَ إِذَا كَانَتْ مُرْتَبِطَةً بِسَبَبٍ، وَدَخَل الْمَوْعُودُ فِي السَّبَبِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا وَيُلْزَمُ بِهِ الْوَاعِدُ قَضَاءً، رَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنِ الْمَوْعُودِ الْمُغَرَّرِ بِهِ، وَتَقْرِيرًا لِمَبْدَأِ تَحْمِيل التَّبَعِيَّةِ لِمَنْ وَرَّطَهُ فِي ذَلِكَ، إِذْ لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ، وَذَلِكَ كَمَا إِذَا وَعَدَهُ بِأَنْ يُسْلِفَهُ ثَمَنَ دَارٍ يُرِيدُ شِرَاءَهَا، فَاشْتَرَاهَا الْمَوْعُودُ تَعْوِيلاً عَلَى وَعْدِهِ، أَوْ أَنْ يُقْرِضَهُ مَبْلَغَ الْمَهْرِ فِي الزَّوَاجِ، فَتَزَوَّجَ اعْتِمَادًا عَلَى عِدَتِهِ (١) .

وَلَكِنَّ الَّذِي لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ هُوَ أَنَّ الْوَاعِدَ إِذَا مَاتَ قَبْل إِنْجَازِ وَعْدِهِ فَإِنَّ الْوَعْدَ يَسْقُطُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُطْلَقًا، أَمْ مُعَلَّقًا عَلَى سَبَبٍ وَدَخَل الْمَوْعُودُ فِي السَّبَبِ، أَمَّا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، فَلأَِنَّ الْوَعْدَ لاَ يَلْزَمُ الْوَاعِدَ أَصْلاً، وَأَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِهِ فِي الْحَالَةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا، فَلأَِنَّ الْمُقَرَّرَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمَعْرُوفَ لاَزِمٌ لِمَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَمْ يَمُتْ أَوْ يُفْلِسْ، وَبِالْمَوْتِ سَقَطَ الْتِزَامُهُ وَتَلاَشَى فَلاَ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ شَيْءٌ لأَِجْلِهِ (٢) .


(١) تحرير الكلام في مسائل الالتزام ١ / ٢٥٦ - ٢٥٧، والمنتقى ٣ / ٢٢٧، والفروق للقرافي ٤ / ٢٥، والبيان والتحصيل ٨ / ١٨.
(٢) المراجع السابقة.