للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ (١) وَلأَِنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا قَدْ تَعَامَلُوهُ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إِلَى أَنْ يَلْزَمَ الْوَقْفُ لِيَصِل ثَوَابُهُ إِلَيْهِ عَلَى الدَّوَامِ، وَأَمْكَنَ دَفْعُ هَذِهِ الْحَاجَةِ بِإِسْقَاطِ الْمِلْكِ وَجَعْلُهُ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي الْمَسْجِدِ، وَيَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ كَمَا يَخْرُجُ الْمَسْجِدُ.

وَلِهَذَا قَال الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ بِزَوَال الْمِلْكِ بِمُجَرَّدِ الْقَوْل - كَمَا سَبَقَتِ الإِْشَارَةُ إِلَيْهِ - لأَِنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ لِلَّهِ فَصَارَ كَالْعِتْقِ، وَقَال مُحَمَّدٌ: لاَ يَزُول الْمِلْكُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إِلَى الْمُتَوَلِّي لأَِنَّهُ صَدَقَةٌ، فَيَكُونُ التَّسْلِيمُ مِنْ شَرْطِهِ كَالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ، وَلأَِنَّ التَّمْلِيكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لاَ يَتَحَقَّقُ قَصْدًا لأَِنَّهُ مَالِكُ الأَْشْيَاءِ كُلِّهَا، وَلَكِنَّهُ يَثْبُتُ فِي ضِمْنِ التَّسْلِيمِ إِلَى الْعَبْدِ (٢) .


(١) حديث: " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٢٥٥ ط عيسى الحلبي) .
(٢) تبيين الحقائق ٣ / ٣٢٥، ومغني المحتاج ٢ / ٣٨٢، وأسنى المطالب ٢ / ٤٦٢، وروضة الطالبين ٥ / ٣٢٢.