للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ جَوَازَ الْوُضُوءِ بِهِ (١) .

وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (٢) . فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَل بِاسْتِعْمَال الْمَاءِ - مُنَكَّرًا - عِنْدَ إِرَادَةِ الصَّلاَةِ، وَلَمْ يُبِحِ التَّيَمُّمَ إِلاَّ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، فَدَل هَذَا عَلَى طَهُورِيَّتِهِ وَعَدَمِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاقِعُ فِيهِ مِسْكًا أَمْ عَسَلاً أَمْ نَحْوَ ذَلِكَ (٣) .

وَبِمَا وَرَدَ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَل هُوَ وَمَيْمُونَةُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فِي قَصْعَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ (٤) .

فَهَذَا الْحَدِيثُ وَاضِحُ الدَّلاَلَةِ فِي جَوَازِ التَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ إِذَا خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ، لأَِنَّهُ لَوْ كَانَ اخْتِلاَطٌ يَمْنَعُ التَّطَهُّرَ لَمَا اغْتَسَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ فِيهِ أَثَرُ الْعَجِينِ فَدَل هَذَا عَلَى طُهُورِيَّتِهِ (٥) ، وَلأَِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ بِأَصْل خِلْقَتِهِ، وَقَدْ خَالَطَهُ طَاهِرٌ لَمْ يَسْلُبْهُ اسْمَ الْمَاءِ وَلاَ رِقَّتَهُ وَلاَ جَرَيَانَهُ، فَأَشْبَهَ


(١) المغني ١ / ١٢، والمحرر ١ / ٢.
(٢) سورة النساء / ٤٣.
(٣) المغني ١ / ١٢.
(٤) حديث أم هانئ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل هو وميمونة من إناء واحد. . . ". أخرجه النسائي (١ / ١٣١) ، والبيهقي (١ / ٧) ، وأشار البيهقي إلى انقطاع في سنده بين مجاهد وأم هانئ.
(٥) تبيين الحقائق ١ / ١٢، والمغني ١ / ١٥.