للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٠٠ {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِل بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١) .

وَقَدْ عَبَّرَ الإِْمَامُ الرَّازِيُّ عَنْ حِكْمَةِ تَحْرِيمِ أَكْل الْمَيْتَةِ الَّتِي نَفَقَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا بِقَوْلِهِ: وَاعْلَمْ أَنَّ تَحْرِيمَ الْمَيْتَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْعُقُول، لأَِنَّ الدَّمَ جَوْهَرٌ لَطِيفٌ جِدًّا، فَإِذَا مَاتَ الْحَيَوَانُ حَتْفَ أَنْفِهِ احْتَبَسَ الدَّمُ فِي عُرُوقِهِ وَتَعَفَّنَ وَفَسَدَ، وَحَصَل مِنْ أَكْلِهِ مَضَارُّ عَظِيمَةٌ (٢) .

وَأَمَّا حِكْمَةُ تَحْرِيمِ أَكْل الْمَيْتَةِ الَّتِي قُتِلَتْ عَلَى هَيْئَةٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ (أَيْ بِدُونِ تَذْكِيَةٍ) فَقَدْ أَوْضَحَهَا الإُْمَامُ ابْنُ الْقُيِّمِ بِقَوْلِهِ: فَلأَِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ عَلَيْنَا الْخَبَائِثَ، وَالْخَبَثُ الْمُوجِبُ لِلتَّحْرِيمِ قَدْ يَظْهَرُ لَنَا وَقَدْ يَخْفَى، فَمَا كَانَ ظَاهِرًا لَمْ يَنْصِبْ عَلَيْهِ الشَّارِعُ عَلاَمَةً غَيْرَ وَصْفِهِ، وَمَا كَانَ خَفِيًّا نَصَبَ عَلَيْهِ عَلاَمَةً تَدُل عَلَى خَبَثِهِ.

فَاحْتِقَانُ الدَّمِ فِي الْمَيْتَةِ سَبَبٌ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا


(١) سورة البقرة / ١٧٣.
(٢) تفسير الرازي ١١ / ١٣٢.