للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالثَّانِي: عَدَمُ الْجَوَازِ. وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (١) ، لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَل شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا. (٢)

قَال ابن القيم: وَالْمُعَالَجَةُ بِالْمُحَرَّمَاتِ قَبِيحَةٌ عَقْلاً وَشَرْعًا، أَمَّا الشَّرْعُ فَلِلْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَأَمَّا الْعَقْل، فَهُوَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا حَرَّمَهُ لِخُبْثِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ عَلَى هَذِهِ الأُْمَّةِ طَيِّبًا عُقُوبَةً لَهَا، كَمَا حَرَّمَهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل بِقَوْلِهِ: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} (٣) ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ عَلَى هَذِهِ الأُْمَّةِ مَا حَرَّمَ لِخَبَثِهِ، وَتَحْرِيمُهُ لَهُ حَمِيَّةً لَهُمْ، وَصِيَانَةً عَنْ تَنَاوُلِهِ، فَلاَ يُنَاسِبُ أَنْ يُطْلَبَ بِهِ الشِّفَاءُ مِنَ الأَْسْقَامِ وَالْعِلَل، فَإِنَّهُ وَإِنْ أَثَّرَ فِي إِزَالَتِهَا، لَكِنَّهُ يُعْقِبُ سُمًّا أَعْظَمَ مِنْهُ فِي الْقَلْبِ


(١) التفريع لابن الجلاب ١ / ٤٠٨، والذخيرة للقرافي ٤ / ١١٢، وانظر بداية المجتهد ١ / ٤٧٦، وتفسير الرازي ٥ / ٢٥، والمغني ١٣ / ٣٤٣، ومجموع فتاوى ابن تيمية ٢١ / ٥٦٢ وما بعدها.
(٢) حديث: " إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها. . . ". أخرجه ابن حبان في صحيحه (٤ / ٢٣٣ ط الرسالة) وأبو يعلى في المسند (١٢ - ط دار المأمون) ، من حديث أم سلمة رضي الله عنها، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٥ / ٨٦ ط القدسي) : رجاله رجال الصحيح خلا حسان بن مخارق، وقد وثقه ابن حبان.
(٣) سورة النساء / ١٦٠.