للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَظِلْفِهَا وَظُفُرِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّهَا نَجِسَةٌ لاَ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَال مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّل مَرَّةٍ} (١) حَيْثُ دَل عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ حَيَّةً، فَصَارَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ مَيْتَةً، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا مَيْتَةٌ، وَجَبَ أَنْ يَحْرُمَ الاِنْتِفَاعُ بِهَا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (٢) .

وَالثَّانِي: لِلْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ اخْتَارَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَهُوَ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ يَحِل الاِنْتِفَاعُ بِهَا، وَذَلِكَ لأَِنَّهَا أَجْسَامٌ مُنْتَفَعٌ بِهَا، غَيْرُ مُتَعَرِّضَةٍ لِلتَّعَفُّنِ وَالْفَسَادِ، فَوَجَبَ أَنْ يُقْضَى بِطَهَارَتِهَا، كَالْجُلُودِ الْمَدْبُوغَةِ، وَلأَِنَّ نَجَاسَةَ الْمَيْتَاتِ لَيْسَتْ لأَِعْيَانِهَا، بَل لِمَا فِيهَا مِنَ الدِّمَاءِ السَّائِلَةِ وَالرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ، وَهِيَ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِي هَذِهِ الأَْشْيَاءِ (٣) .


(١) سورة يس / ٧٨ - ٧٩.
(٢) سورة المائدة / ٣.
(٣) بدائع الصنائع ١ / ٦٣، وتبيين الحقائق ١ / ٢٦، وأحكام القرآن للجصاص ١ / ١٤٩، والإنصاف للمرداوي ١ / ٩٢، والذخيرة للقرافي ١ / ١٨٣، والتفريع لابن جلاب ١ / ٤٠٨، وتفسير الرازي ٥ / ١٥، والكافي لابن عبد البر ١ / ٤٣٩، وبداية المجتهد ١ / ٧٨، وأحكام القرآن للكيا الهراس ١ / ٧٢، والمجموع شرح المهذب ١ / ٢٣١، والمغني لابن قدامة ١ / ٩٧، ومختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية ص ٢٦.