للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي انْتِقَاضِهَا، لأَِنَّهُ لاَ يَدْرِي هَل الْحَدَثُ الثَّانِي قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا. وَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا وَكَانَ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَهُوَ الآْنَ مُحْدِثٌ، لأَِنَّهُ مُتَيَقِّنٌ حَدَثًا بَعْدَ تِلْكَ الطَّهَارَةِ وَشَكَّ فِي زَوَالِهِ، لأَِنَّهُ لاَ يَدْرِي هَل الطَّهَارَةُ الثَّانِيَةُ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ أَمْ لاَ (١) .

وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل مَا قَالُوهُ فِي الصَّائِمِ لَوْ شَكَّ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ مَعَ الشَّكِّ، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ النَّهَارِ. وَلَوْ أَفْطَرَ وَهُوَ شَاكٌّ وَلَمْ يَتَبَيَّنِ الْحَال بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ اتِّفَاقًا (٢) .

أَمَّا إِذَا شَكَّ الصَّائِمُ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَلاَّ يَأْكُل لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ الْفَجْرُ قَدْ طَلَعَ، فَيَكُونُ الأَْكْل إِفْسَادًا لِلصَّوْمِ فَيُتَحَرَّزُ عَنْهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: الْحَلاَل بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ (٣) . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ (٤) . وَلَوْ أَكَل وَهُوَ شَاكٌّ فَإِنَّهُ لاَ يُحْكَمُ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ، لأَِنَّ فَسَادَ


(١) حاشية ابن عابدين ١ / ١٠٢، والتاج والإكليل ١ / ٣٠١، ونهاية المحتاج ١ / ١١٤، والمهذب ١ / ٣٢، والمغني ١ / ١٩٧.
(٢) البدائع ٢ / ١٠٥، وحاشية الدسوقي ١ / ٥٢٦، ونهاية المحتاج ٣ / ١٧١، والإقناع في فقه الإمام أحمد ١ / ٣١٢ - ٣١٥، ط دار المعارف.
(٣) حديث: " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات " أخرجه البخاري (١ / ١٢٦ - الفتح - ط السلفية) من حديث النعمان بن بشير.
(٤) حديث: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " علقه البخاري من حديث حسان بن أبي سنان، وأخرجه أحمد والنسائي والحاكم مرفوعا من حديث الحسن بن علي. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، وسكت عنه ابن حجر (فتح الباري ٤ / ٢٩٢ - ٢٩٣ ط السلفية، ومسند أحمد بن حنبل ١ / ٢٠٠ ط الميمنية، وسنن النسائي ٨ / ٣٢٧ - ٣٢٨، نشر المكتبة التجارية، والمستدرك ٢ / ١٣ نشر دار الكتاب العربي) .