للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا إِذَا كَانَ السَّمْنُ وَنَحْوُهُ مَائِعًا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ.

فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ يَنْجُسُ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِل عَنِ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ فَقَال: " إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلاَ تَقْرَبُوهُ (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّ الْمَائِعَ كَالْمَاءِ لاَ يَنْجُسُ إِلاَّ بِمَا يَنْجُسُ بِهِ الْمَاءُ.

٣٢ - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ فِي إِمْكَانِ تَطْهِيرِ الْمَائِعِ مِنَ النَّجَاسَةِ.

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ تَطْهِيرُ الْمَائِعِ مِنَ النَّجَاسَةِ. لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ.

وَالْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُ الْمَائِعِ مِنَ النَّجَاسَةِ (٢) .


(١) حَدِيث: " إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلَّفُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلاَ تُقَرِّبُوهُ ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (٤ / ١٨١ ط حِمْص) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَال التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِعِ (٤ / ٢٥٧ ط الْحَلَبِيّ) : حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، ثُمَّ نَقَل عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ خَطَّأَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ.
(٢) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ ١ / ٢٢٢، وَفَتْح الْقَدِير ١ / ١٤٧، وَمَوَاهِب الْجَلِيل ١ / ١٠٨، وَشَرْح الزُّرْقَانِيّ ١ / ٣٢، وَجَوَاهِر الإِْكْلِيل ١ / ٩، ١٠، وَالشَّرْح الصَّغِير ١ / ٥٦، ٥٧، وَحَاشِيَة الدُّسُوقِيّ ١ / ٥٨ - ٥٩ وَالْمِنْهَاج وقليوبي عَلَيْهِ ١ / ٧٦، وَالْمُهَذَّب ١ / ٥٧، وَالْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَة ١ / ٣٦، وَكَشَّاف الْقِنَاع ١ / ١٨٨، وَالإِْنْصَاف ١ / ٦٧.