للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَجِينِ الَّذِي عُجِنَ بِمَاءٍ مِنْ آبَارِ ثَمُودَ أَنَّهُ نَهَاهُمْ عَنْ أَكْلِهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَعْلِفُوهُ النَّوَاضِحَ (١) ، وَهَذَا الزَّيْتُ لَيْسَ بِمَيْتَةٍ وَلاَ هُوَ مِنْ شُحُومِهَا فَيَتَنَاوَلُهُ الْخَبَرُ، إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ يُسْتَصْبَحُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ لاَ يَمَسُّهُ وَلاَ تَتَعَدَّى نَجَاسَتُهُ إِلَيْهِ.

وَلَمْ يَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَنْ تُدْهَنَ بِهَا الْجُلُودُ وَقَال: يُجْعَل مِنْهُ الأَْسْقِيَةُ وَالْقِرَبُ.

وَنُقِل عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ تُدْهَنُ بِهِ الْجُلُودُ، وَعَجِبَ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا وَقَال: إِنَّ فِي هَذَا لَعَجَبًا! ! شَيْءٌ يُلْبَسُ يُطَيَّبُ بِشَيْءٍ فِيهِ مَيْتَةٌ؟ ! ! فَعَلَى هَذَا أَيْ عَلَى قَوْل أَحْمَدَ: كُل انْتِفَاعٍ يُفْضِي إِلَى تَنْجِيسِ إِنْسَانٍ لاَ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُفْضِ إِلَى ذَلِكَ جَازَ، فَأَمَّا أَكْلُهُ فَلاَ إِشْكَال فِي تَحْرِيمِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلاَ تَقْرَبُوهُ (٢) وَلأَِنَّ النَّجِسَ خَبِيثٌ وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ الْخَبَائِثَ.

فَأَمَّا شُحُومُ الْمَيْتَةِ وَشَحْمُ الْخِنْزِيرِ فَلاَ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا بِاسْتِصْبَاحٍ وَلاَ غَيْرِهِ، وَلاَ أَنْ


(١) الْحَدِيث الَّذِي جَاءَ فِي نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْل الْعَجِينِ الَّذِي عُجِنَ بِمَاءٍ مِنْ آبَارِ ثَمُود. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي ٦ / ٣٧٨ ط السَّلَفِيَّة) وَمُسْلِم (٤ / ٢٢٨٦ ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ ابْن عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما.
(٢) حَدِيث: " وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلاَ تقربُوهُ ". سَبَقَ تَخْرِيجه (ف ٣١) .