للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاذِرُ بَيْنَ الْوَفَاءِ وَالتَّكْفِيرِ، وَيَمِيل إِلَى أَيِّ الْجِهَتَيْنِ شَاءَ، وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْقَلِيل وَهُوَ الْكَفَّارَةُ وَبَيْنَ الْكَثِيرِ وَهُوَ الْمَنْذُورُ - فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ بِاعْتِبَارِ مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ جَائِزٌ، كَالْعَبْدِ إِذَا أَذِنَ لَهُ مَوْلاَهُ بِالْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَدَاءِ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ أَدَاءِ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، وَالنَّذْرُ وَالْيَمِينُ مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ لأَِنَّ النَّذْرَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ وَاجِبٌ لِعَيْنِهِ وَالْيَمِينُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ وَاجِبٌ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ صِيَانَةُ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى (١) ١١ - وَيَرَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ النَّاذِرَ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِمَا سُمِّيَ فِي هَذَا النَّذْرِ. رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْل جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ (٢) وَاسْتَدَلُّوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُول.

أَمَّا الْكِتَابُ الْكَرِيمُ فَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ (٣) وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فِي شَأْنِ الأَْبْرَارِ: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٤) وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ أَنَّ الآْيَتَيْنِ أَفَادَتَا


(١) الْهِدَايَة وَالْعِنَايَة ٤ / ٢٧.
(٢) بَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ٢٨٨٣، وَالْهِدَايَة وَالْعِنَايَة وَفَتْح الْقَدِير ٤ / ٢٧، وَالْمُقْدِمَات الْمُمَهِّدَات ١ / ٤٠٥، وَشَرْح الزُّرْقَانِيّ ٣ / ٩٢، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٣ / ٢٩٤، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ ٨ / ٢١٩.
(٣) سُورَة الْحَجّ / ٢٩
(٤) سُورَة الإِْنْسَانِ