للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا. فَمَنْ نَذَرَ أَيًّا مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ مُطْلَقًا، أَوْ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ بِإِجْمَاعِ أَهْل الْعِلْمِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ قُدَامَةَ، أَوْ فِي مُقَابِل نِعْمَةٍ اسْتَجْلَبَهَا، أَوْ نِقْمَةٍ اسْتَدْفَعَهَا (١) .

وَقَدِ اسْتَدَل الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِنَذْرِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ (٢) الدَّال عَلَى الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ مُطْلَقًا.

وَبِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ (٣) وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ قُرْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى كَالصَّلاَةِ أَوِ الصَّدَقَةِ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّ نَذْرَهُ هَذَا هُوَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَقَدْ أَوْجَبَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ نَذَرَ مِثْل ذَلِكَ أَنْ يَفِيَ بِنَذْرِهِ، فَدَل هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهَذَا النَّذْرِ.


(١) فَتْح الْقَدِير ٤ / ٢٦، وَرَدّ الْمُحْتَارِ ٣ / ٦٧ - ٦٨، وَبَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ٢٨٦٤ - ٢٨٦٥، وَالْمُقدمَات الْمُمَهِّدَات ١ / ٤٠٤، وَمَوَاهِب الْجَلِيل ٣ / ٣١٨، وَكِفَايَة الطَّالِب الرَّبَّانِيّ ٣ / ٥٥، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٣ / ٣٠١، وَزَاد الْمُحْتَاجِ ٤ / ٤٩٤، ٥٠٩، وَالْمُغْنِي ٩ / ٢، وَالْكَافِي ٤ / ٤٢٢، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٦ / ٢٧٧.
(٢) سُورَة الْحَجّ / ٢٩
(٣) حَدِيث: " مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيع اللَّهَ. . . " تَقَدَّمَ تَخْرِيجه فِقْرَة (٥) .