للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَدْ أَفَادَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ أَنَّهُ لاَ يَحِل الْوَفَاءُ بِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَفِ بِهِ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.

وَقَالُوا: إِنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْل مَعْصِيَةٍ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عَنْ يَمِينِهِ هَذَا، فَكَذَلِكَ - قِيَاسًا - إِذَا نَذَرَهَا (١)

وَقَالُوا: إِنَّ النَّذْرَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْيَمِينِ، فَمَنْ لَمْ يَفِ بِنَذْرِهِ إِنْ كَانَ مَعْصِيَةً لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (٢) ، وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ النَّذْرَ يَمِينٌ مَا وَرَدَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ حَافِيَةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَيْتُهُ فَقَال: لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ (٣) ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لاَ يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا، فَلْتَرْكَبْ وَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ (٤) وَمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ


(١) الْمُغْنِي ٩ / ٥، وَالْكَافِي ٤ / ٤١٩.
(٢) الْمُغْنِي ٩ / ٤ - ٥، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٦ / ٢٧٦.
(٣) حَدِيث عُقْبَة بْن عَامِرٍ: " نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بِبَتّ اللَّه. . . " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي ٤ / ٧٩ ط السَّلَفِيَّة) ، وَمُسْلِم (٣ / ١٢٦٤ ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) وَاللَّفْظ لِمُسْلِم.
(٤) حَدِيث: " إِنَّ اللَّهَ لاَ يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِك شَيْئًا. . . " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ (٤ / ١١٦ ط الْحَلَبِيّ) وَقَال: هَذَا حَدِيث حَسَن.