للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (١) وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ أَمْرُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالصَّدَقَةِ وَالإِْنْفَاقِ فِي سَبِيلِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الإِْسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ فِيمَا يَتَصَدَّقُ بِهِ الْمَرْءُ، فَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ التَّصَدُّقَ بِكُل مَا يَمْلِكُهُ الْمَرْءُ مِنْ مَالٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ لِلشَّارِعِ، وَالْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ لاَ يَجُوزُ، لأَِنَّهُ لَيْسَ نَذْرٌ فِي طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.

كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثَ مِنَ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ مِنْهَا مَا رَوَاهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ - فِي حَدِيثِ تَخَلُّفِهِ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ - وَأَنَّهُ قَال لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال رَسُول اللَّهِ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: أُمْسِكُ سَهْمِيَ الَّذِي بِخَيْبَرَ (٢) .

وَمِنْهَا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: كُنَّا عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ بِمِثْل بَيْضَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ: أَصَبْتُ هَذِهِ مِنْ مَعْدِنٍ فَخُذْهَا فَهِيَ صَدَقَةٌ، مَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا، فَأَعْرَضَ


(١) سُورَة الأَْنْعَام / ١٤١
(٢) حَدِيث: " أَمْسَكَ عَلَيْك بَعْض مَالِك فَهُوَ خَيْرٌ لَك. . . " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي ٥ / ٣٨٦ ط السَّلَفِيَّة) وَمُسْلِم (٤ / ٢١٢٧ ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) .