للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَاضَتْ فِيهِ، وَمَا عَلَيْهِ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ أَوْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَنَذْرُهُ مُنْعَقِدٌ، وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الأَْيَّامِ الَّتِي نَذَرَ صِيَامَهَا وَلاَ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ قَال بِهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ (١) .

وَاسْتَدَل هَؤُلاَءِ بِأَنَّ هَذَا النَّاذِرَ قَدْ فَاتَهُ الصَّوْمُ الْوَاجِبُ بِالنَّذْرِ، فَلَزِمَهُ قَضَاؤُهُ، كَمَا لَوْ تَرَكَ الصِّيَامَ نِسْيَانًا، وَلاَ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ؛ لأََنَّ الشَّرْعَ مَنَعَهُ مِنْ صَوْمِهِ فَكَانَ كَالْمُكْرَهِ (٢) .

وَقَالُوا كَذَلِكَ: إِنَّ الْمَنْذُورَ هُنَا - وَهُوَ الصِّيَامُ عِنْدَ قُدُومِ غَائِبٍ - مَحْمُولٌ عَلَى الْمَشْرُوعِ، فَإِذَا صَادَفَ يَوْمُ قُدُومِ الْغَائِبِ يَوْمًا يَحْرُمُ الصِّيَامُ فِيهِ كَانَ إِفْطَارُهُ فِيهِ لِعُذْرٍ، وَهُوَ مَنْعُ الشَّارِعِ مِنْ صِيَامِهِ، فَكَانَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ، وَإِذَا كَانَ هَذَا لاَ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ بِفِطْرِهِ فَكَذَلِكَ النَّاذِرُ (٣) .

وَأَضَافُوا: إِنَّ مَنْ نَذَرَ صِيَامَ يَوْمِ قُدُومِ غَائِبٍ، قَدْ نَذَرَ قُرْبَةً مَقْصُودَةً، فَيَصِحُّ نَذْرُهُ، كَمَا لَوْ وَقَعَ النَّذْرُ بِالصِّيَامِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الأَْيَّامِ الَّتِي تَصَادَفَ قُدُومُ الْغَائِبِ فِيهَا (٤) .


(١) رد المحتار ٣ / ٦٨، وبدائع الصنائع ٦ / ٢٨٦٣ - ٢٨٦٥، وفتح القدير ٤ / ٢٦، والمغني ٩ / ٢٢، والكافي ٤ / ٤٢٩.
(٢) المغني ٩ / ٢٢.
(٣) الكافي ٤ / ٤٢٩.
(٤) بدائع الصنائع ٦ / ٢٨٦٥.