للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدٍ، وَلاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، قَال عَبْدُ اللَّهِ: وَلَوْ كُنْتُ أَنَا أَفْعَل ذَلِكَ لَتَصَدَّقْتُ وَأَهْدَيْتُ " (١) وَبِأَنَّ الْحَجَّ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَتَسْقُطُ بِمَوْتِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَالصَّلاَةِ (٢) وَبِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطُ إِجْزَاءِ الْعِبَادَةِ، لِيَتَحَقَّقَ أَدَاءُ الْمُكَلَّفِ لَهَا اخْتِيَارًا مِنْهُ، فَيَظْهَرُ اخْتِيَارُهُ الطَّاعَةَ مِنِ اخْتِيَارِهِ الْمَعْصِيَةَ، الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ التَّكْلِيفِ، وَفِعْل الْوَارِثِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ الْمُبْتَلَى بِالأَْمْرِ وَالنَّهْيِ لاَ يُحَقِّقُ اخْتِيَارَهُ، بَل إِنَّهُ لَمَّا مَاتَ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ وَلاَ أَمْرٍ فَقَدْ تَحَقَّقَ عِصْيَانُهُ، بِخُرُوجِهِ مِنْ دَارِ التَّكْلِيفِ بِغَيْرِ امْتِثَالٍ لِمَا كُلِّفَ بِهِ، وَهَذَا يُقَرِّرُ عَلَيْهِ مُوجِبَ الْعِصْيَانِ، فَلَيْسَ فِعْل الْوَارِثِ الْفِعْل الْمَأْمُورَ بِهِ، فَلاَ يَسْقُطُ بِهِ الْوَاجِبُ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ حَال حَيَاتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا هِيَ الأَْفْعَال، لأَِنَّهَا الَّتِي تُظْهِرُ الطَّاعَةَ وَالاِمْتِثَال، وَقَدْ سَقَطَتِ الأَْفْعَال كُلُّهَا بِالْمَوْتِ، لِتَعَذُّرِ ظُهُورِ طَاعَتِهِ بِهَا فِي دَارِ التَّكْلِيفِ، فَكَانَ الإِْيصَاءُ بِالْمَال الَّذِي هُوَ


(١) أَثَرُ: " لاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلاَ يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ. . " عَزَاهُ ابْنُ التُّرْكُمَانِيِّ فِي الْجَوْهَرِ النَّقِيِّ (بِهَامِشِ السُّنَنِ لِلْبَيْهَقِيِّ ٤ / ٢٥٧) إِلَى التَّمْهِيدِ لاِبْنِ جَرِيرٍ
(٢) الْمُغْنِي ٣ / ٢٤٢.