للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْهُمْ " (١) ، بَعْدَ أَنْ رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثَ الصَّوْمِ عَنِ الْمَيِّتِ وَهُوَ أَنَّهُ قَال: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ (٢) ، وَفَتْوَى الرَّاوِي عَلَى خِلاَفِ مَرْوِيِّهِ بِمَنْزِلَةِ رِوَايَتِهِ لِلنَّاسِخِ وَنَسْخُ الْحُكْمِ يَدُل عَلَى إِخْرَاجِ الْمَنَاطِ عَنْ الاِعْتِبَارِ، وَلِهَذَا فَقَدِ اشْتُرِطَ فِي الْقِيَاسِ: أَنْ لاَ يَكُونَ حُكْمُ الأَْصْل مَنْسُوخًا، لأَِنَّ التَّعْدِيَةَ بِالْجَامِعِ، وَنَسْخُ الْحُكْمِ يَسْتَلْزِمُ إِبْطَال اعْتِبَارِهِ، إِذْ لَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا لاَسْتَمَرَّ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِهِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ مِثْل ذَلِكَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (٣) - قَال الإِْمَامُ مَالِكٌ: لَمْ أَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِالْمَدِينَةِ، أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ أَمَرَ أَحَدًا أَنْ يَصُومَ عَنْ أَحَدٍ، أَوْ يُصَلِّيَ عَنْ أَحَدٍ، وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ النَّسْخَ وَأَنَّهُ الأَْمْرُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ آخِرًا (٤) وَأَضَافُوا: إِنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لاَ تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي حَال الْحَيَاةِ، فَكَذَلِكَ لاَ تَدْخُلُهَا بَعْدَ


(١) أَثَرُ عَائِشَةَ: " لاَ تَصُومُوا عَنْ مَوْتَاكُمْ وَأَطْعِمُوا عَنْهُمْ " أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى (٤ / ٢٥٧ ط دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ) .
(٢) حَدِيثُ: " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (الْفَتْحُ ٤ / ١٩٢ ط السَّلَفِيَّةِ) ، وَمُسْلِمٌ (٢ / ٨٠٣ ط عِيسَى الْحَلَبِيِّ) .
(٣) فَتْحُ الْقَدِيرِ ٢ / ٨٤.
(٤) الْمَصْدَرُ السَّابِقُ.