للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْقُرْطُبِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: قَال عُلَمَاؤُنَا: أَنْوَاعُ الصُّلْحِ كُلُّهَا مُبَاحَةٌ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ، بِأَنْ يُعْطِيَ الزَّوْجُ عَلَى أَنْ تَصْبِرَ هِيَ، أَوْ تُعْطِيَ هِيَ عَلَى أَنْ يُؤْثِرَ الزَّوْجُ، أَوْ عَلَى أَنْ يُؤْثِرَ وَيَتَمَسَّكَ بِالْعِصْمَةِ، أَوْ يَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الصَّبْرِ وَالأَْثَرَةِ مِنْ غَيْرِ عَطَاءٍ، فَهَذَا كُلُّهُ مُبَاحٌ (١) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ كَانَ الرَّجُل لاَ يَتَعَدَّى عَلَى امْرَأَتِهِ، وَإِنَّمَا يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا لَكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَيُعْرِضُ عَنْهَا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُسَنُّ لَهَا اسْتِعْطَافُهُ بِمَا يُحِبُّ، كَأَنْ تَسْتَرْضِيَهُ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهَا، كَمَا تَرَكَتْ سَوْدَةُ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَمَّا خَافَتْ أَنْ يُطَلِّقَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ إِذَا كَرِهَتْ صُحْبَتَهُ لِمَا ذُكِرَ أَنْ يَسْتَعْطِفَهَا بِمَا تُحِبُّ مِنْ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا (٢) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ خَافَتِ امْرَأَةٌ نُشُوزَ زَوْجِهَا وَإِعْرَاضَهُ عَنْهَا لِكِبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَرَضٍ أَوْ دَمَامَةٍ، فَوَضَعَتْ عَنْهُ بَعْضَ حُقُوقِهَا أَوْ كُل حُقُوقِهَا، تَسْتَرْضِيهِ بِذَلِكَ جَازَ، لأَِنَّهُ حَقُّهَا وَقَدْ رَضِيَتْ


(١) الْقُرْطُبِيُّ ٥ / ٤٠٣ - ٤٠٥.
(٢) حَاشِيَة الشَّرْقَاوَيَّ عَلَى شَرْح التَّحْرِير ٢ / ٢٨٦، وَمُغْنِي المحتاج٣ / ٢٦١.