للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَنَقَل النَّوَوِيُّ عَنِ ابْنِ بَطَّالٍ أَنَّ النَّصِيحَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ يُجْزَى فِيهِ مَنْ قَامَ بِهِ وَيَسْقُطُ عَنِ الْبَاقِينَ (١) .

وَهِيَ لاَزِمَةٌ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ أَوِ الطَّاقَةِ إِذَا عَلِمَ النَّاصِحُ أَنَّهُ يُقْبَل نُصْحُهُ وَيُطَاعُ أَمْرُهُ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَكْرُوهَ فَإِنْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ أَذًى فَهُوَ فِي سَعَةٍ، وَقَال غَيْرُهُمْ: إِنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ وُجُوبُ النُّصْحِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لاَ يُفِيدُ فِي الْمَنْصُوحِ (٢) .

وَلاَ يَسْقُطُ التَّكْلِيفُ بِالنَّصِيحَةِ عَنِ الْمُسْلِمِ مَادَامَ صَحِيحَ الْعَقْل، قَال ابْنُ رَجَبٍ: قَدْ تُرْفَعُ الأَْعْمَال كُلُّهَا عَنِ الْعَبْدِ فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ، وَلاَ يُرْفَعُ عَنْهُ النُّصْحُ لِلَّهِ، فَلَوْ كَانَ مِنَ الْمَرَضِ بِحَالٍ لاَ يُمْكِنُهُ عَمَلٌ بِشَيْءٍ مِنْ جَوَارِحِهِ بِلِسَانٍ وَلاَ غَيْرِهِ غَيْرَ أَنَّ عَقْلَهُ ثَابِتٌ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ النُّصْحُ لِلَّهِ بِقَلْبِهِ، وَهُوَ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى ذُنُوبِهِ، وَيَنْوِيَ إِنْ صَحَّ أَنْ يَقُومَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَيَجْتَنِبَ مَا نَهَاهُ عَنْهُ، وَإِلاَّ كَانَ غَيْرَ نَاصِحٍ لِلَّهِ بِقَلْبِهِ (٣) .


(١) شَرْح صَحِيح مُسْلِم لِلنَّوَوِيِّ ١ / ٣٩٩، وَدَلِيل الْفَالِحِينَ ١ / ٤٥٩.
(٢) الشَّرْح الصَّغِير ٤ / ٧٤١، وَشَرْح صَحِيح مُسْلِم لِلنَّوَوِيِّ ١ / ٣٩٩، وَدَلِيل الْفَالِحِينَ ١ / ٤٦٠، وَفَيْض الْقَدِير شَرْح الْجَامِع الصَّغِير للمناوي ط مُصْطَفَى مُحَمَّد ٣ / ٥٥٦.
(٣) جَامِع الْعُلُومِ وَالْحِكَمِ ١ / ٢٢٠ - ٢٢١.