للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَوَاضِعِ الزِّينَةِ لَهُ، وَيَحِل لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهِنَّ كَالرَّجُل مَعَ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ.

وَكَذَلِكَ ذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَدْخُل فِي مَعْنَى غَيْرِ أُولِي الإِْرْبَةِ الْمَجْبُوبُ الَّذِي جَفَّ مَاؤُهُ وَانْقَطَعَتْ شَهْوَتُهُ لِشَيْخُوخَتِهِ (١) .

وَقَال الْقُرْطُبِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: غَيْرِ أُولِي الإِْرْبَةِ أَيْ غَيْرِ أُولِي الْحَاجَةِ، وَاخْتَلَفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِْرْبَةِ وَالاِخْتِلاَفُ كُلُّهُ مُتَقَارِبُ الْمَعْنَى وَيَجْتَمِعُ فِيمَنْ لاَ فَهْمَ لَهُ وَلاَ هِمَّةَ يَنْتَبِهُ بِهَا إِلَى أَمْرِ النِّسَاءِ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ حُكْمَ أُولِي الإِْرْبَةِ فِي النَّظَرِ إِلَى الأَْجْنَبِيَّةِ كَالنَّظَرِ إِلَى ذَوَاتِ مَحَارِمِهِمْ (٢) .

وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدِ اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ فِيمَنْ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ وَصْفُ غَيْرِ أُولِي الإِْرْبَةِ، فَذَهَبُوا فِي الأَْصَحِّ مِنْ وَجْهَيْنِ إِلَى أَنَّهُ يَدْخُل فِيهِ الْمَمْسُوحُ، وَهُوَ ذَاهِبُ الذَّكَرِ وَالأُْنْثَيَيْنِ، فَيَجُوزُ نَظَرُهُ إِلَى الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَاشْتَرَطُوا أَنْ لاَ يَبْقَى فِيهِ مَيْلٌ إِلَى النِّسَاءِ أَصْلاً، وَأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ الْمَنْظُورُ إِلَيْهَا مُسْلِمَةً، وَأَنْ يَكُونَ عَدْلاً، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ كَالْفَحْل مِنَ الأَْجْنَبِيَّةِ، لأَِنَّهُ يَحِل


(١) المبسوط ١٠ / ١٥٨، والهداية وتكملة فتح القدير والعناية ١٠ / ٤٣ وما بعدها، والدر المختار ورد المحتار ٩ / ٥٣٦، وتبيين الحقائق ٦ / ٣٠
(٢) تفسير القرطبي ١٢ / ٢٣٤