للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لِلْقَاتِل عَمْدًا ظُلْمًا تَوْبَةً كَسَائِرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ؛ لِلنُّصُوصِ الْخَاصَّةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَالنُّصُوصِ الْعَامَّةِ الْوَارِدَةِ فِي قَبُول تَوْبَةِ كُل النَّاسِ (١) ، مِنْهَا قَوْل اللَّهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِل عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٢) } .

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٣) } ، فَيُحْمَل مُطْلَقُ هَذِهِ الآْيَةِ عَلَى مُقَيَّدِ آيَةِ الْفُرْقَانِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، إِلاَّ مَنْ تَابَ.

وَلأَِنَّ تَوْبَةَ الْكَافِرِ بِدُخُولِهِ إِلَى الإِْسْلاَمِ تُقْبَل بِالإِْجْمَاعِ، فَتَوْبَةُ الْقَاتِل أَوْلَى (٤) .


(١) حَاشِيَةُ ابْنِ عَابِدِينَ ٥ / ٣٤٠، وَتَفْسِيرُ الْقُرْطُبِيِّ ٥ / ٣٣٢ وَمَا بَعْدَهَا، وَتُحْفَةُ الْمُحْتَاجِ مَعَ الْحَاشِيَتَيْنِ ٨ / ٣٧٥، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ ٤ / ٢، وَالزَّوَاجِرُ عَنِ اقْتِرَافِ الْكَبَائِرِ ١ / ٧١، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ٥ / ٥٠٤.
(٢) سُورَةُ الْفُرْقَانِ آيَةُ: ٦٨، ٧٠.
(٣) سُورَةُ النِّسَاءِ آيَةُ: ٩٣.
(٤) حَاشِيَةُ ابْنِ عَابِدِينَ ٥ / ٣٤٠ - ٣٥٢، وَتَفْسِيرُ الْقُرْطُبِيِّ ٥ / ٣٣٢ وَمَا بَعْدَهَا، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ ٤ / ٢، ٣٩، ٤٤٠، وَأَسْنَى الْمَطَالِبِ ٤ / ٢، ٣٥٦، وَالْمُغْنِي ٧ / ٦٣٦، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ٦ / ١٧٨، ٥ / ٥٠٤.