للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالثَّالِثِ وَلاَ يَقِفُ عَلَى حَدٍّ، وَلاَ يَثِقُ أَحَدٌ بِمَا قُضِيَ لَهُ بِهِ، وَذَلِكَ ضَرَرٌ شَدِيدٌ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، فَقَالُوا: يُفْسَخُ الْحُكْمُ (١) .

وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى مَا سَبَقَ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَاضِي حَكَمَ بِقَضِيَّةٍ فِيهَا اخْتِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَوَافَقَ قَوْلاً شَاذًّا نَقَضَ حُكْمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَاذًّا لَمْ يَنْقُضْ حُكْمَهُ. قَال ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُول: الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ فَيَرْفَعُ أَمْرَهُ إِلَى مَنْ لاَ يَرَى الْبَتَّةَ فَجَعَلَهَا وَاحِدَةً، فَتَزَوَّجَهَا قَبْل أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ - أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، قَال ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَلَسْتُ أَرَاهُ، لاَ يَرْجِعُ الْقَاضِي عَمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ وَلاَ إِلَى مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ الأَْوْلَى خَطَأً بَيِّنًا صُرَاحًا (٢) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي الْمُسْتَنِدِ إِلَى اجْتِهَادِهِ الْمُخَالِفِ خَبَرَ الْوَاحِدِ الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ الَّذِي لاَ يَحْتَمِل إِلاَّ تَأْوِيلاً بَعِيدًا يَنْبُو الْفَهْمُ عَنْ قَبُولِهِ - يُنْقَضُ، وَقِيل: لاَ يُنْقَضُ، مِثَالُهُ الْقَضَاءُ بِنَفْيِ خِيَارِ


(١) تبصرة الحكام ١ / ٧٢، ٢ / ٥٧ ط دار الكتب العلمية، والمعيار للونشريسي ٩ / ٣٠٢، ٣٠٣، وأدب القاضي للماوردي ١ / ٦٨٢، وروضة الطالبين ١١ / ١٥٠، ١٥١، ومغني المحتاج ٤ / ٣٩٦، والمغني ٩ / ٥٦.
(٢) تبصرة الحكام ١ / ٧١.