للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ: أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَل بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ خِلاَفَ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي أُمِرَ بِالْعَمَل بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ فِي الْمَسَائِل الْمُجْتَهَدِ فِيهَا، فَإِنْ عَمِل وَحَكَمَ لاَ يُنَفَّذُ حُكْمُهُ، لأَِنَّهُ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ بِالْحُكْمِ بِمَا يُنَافِي ذَلِكَ الرَّأْيَ لَمْ يَكُنِ الْقَاضِي قَاضِيًا لِلْحُكْمِ بِالرَّأْيِ الْمَذْكُورِ (١) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَاضِيَ الْمُجْتَهِدَ وَالْمُقَلِّدَ إِذَا حَكَمَ فِي قَضِيَّةٍ ثُمَّ جَدَّتْ أُخْرَى مُمَاثِلَةً فَإِنَّ حُكْمَهُ لاَ يَتَعَدَّى لِلدَّعْوَى الأُْخْرَى، فَالْمُجْتَهِدُ يَجْتَهِدُ فِي النَّازِلَةِ الْجَدِيدَةِ، وَالْمُقَلِّدُ يَحْكُمُ بِمَا حَكَمَ بِهِ أَوَّلاً مِنْ رَاجِحِ قَوْل مُقَلَّدِهِ، وَلِغَيْرِهِ مِنْ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ أَنْ يَحْكُمَ بِضِدِّهِ، كَمَا لَوْ حَكَمَ بِفَسْخِ نِكَاحِ مَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلاَ وَلِيٍّ، ثُمَّ تَجَدَّدَ مِثْلُهَا، فَنَظَرَهَا قَاضٍ يَرَى صِحَّةَ الزَّوَاجِ بِدُونِ وَلِيٍّ، فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ارْتَفَعَ فِيهَا الْخِلاَفُ وَلَمْ يَجُزْ لأَِحَدٍ نَقْضُهُ، حَتَّى وَلَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْقَضِيَّةِ الأُْولَى هِيَ ذَاتَ الْمَرْأَةِ فِي الْقَضِيَّةِ الثَّانِيَةِ (٢) .

وَإِذَا خَالَفَ الْقَاضِي مَا يَعْتَقِدُهُ: بِأَنْ حَكَمَ بِمَا لاَ يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ يَلْزَمُهُ نَقْضُهُ لاِعْتِقَادِهِ


(١) شرح مجلة الأحكام العدلية لعلي حيدر ٤ / ٥٤٨ تعليقا على المادة ١٨٠١ من المجلة، وانظر ص ٥٥٢.
(٢) الشرح الصغير ٤ / ٢٢٩.