للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النُّقُودِ، قَال الْغَزَالِيُّ: خَلَقَ اللَّهُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لِيَكُونَا حَاكِمَيْنِ بَيْنَ الأَْمْوَال بِالْعَدْل، ثُمَّ قَال: وَالنَّقْدُ لاَ غَرَضَ فِيهِ وَهُوَ وَسِيلَةٌ إِلَى كُل غَرَضٍ، فَهُوَ كَالْحَرْفِ لاَ مَعْنَى لَهُ فِي نَفْسِهِ، وَتَظْهَرُ بِهِ الْمَعَانِي فِي غَيْرِهِ. ثُمَّ قَال: مَنْ مَعَهُ عَرْضٌ فَهُوَ مَعْذُورٌ إِنْ بَاعَهُ بِنَقْدٍ لِيَصِل بِهِ إِلَى مَا شَاءَ مِنَ الْعُرُوضِ. أَمَّا مَنْ يَتَّخِذُ بَيْعَ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ غَايَتَهُ، فَإِنَّ النَّقْدَ يَبْقَى مُقَيَّدًا عِنْدَهُ، وَيَنْزِل مَنْزِلَةَ الْمَكْنُوزِ، فَلاَ مَعْنَى لِبَيْعِ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ إِلاَّ اتِّخَاذُ النَّقْدِ مَقْصُودًا لِلاِدِّخَارِ وَهُوَ ظُلْمٌ (١) .

وَقَال الْغَزَالِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: كَرِهُوا الصَّرْفَ؛ لأَِنَّ الاِحْتِرَازَ فِيهِ عَنْ دَقَائِقِ الرِّبَا عَسِيرٌ، وَلأَِنَّهُ طَلَبٌ لِدَقَائِقِ الصِّفَاتِ فِيمَا لاَ تُقْصَدُ أَعْيَانُهَا، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ رَوَاجُهَا، وَقَلَّمَا يَتِمُّ لِلصَّيْرَفِيِّ رِبْحٌ إِلاَّ بِاعْتِمَادِ جَهَالَةِ مُعَامِلِهِ بِدَقَائِقِ النَّقْدِ، فَقَلَّمَا يَسْلَمُ الصَّيْرَفِيُّ وَإِنِ احْتَاطَ (٢) .

وَكَرَاهَةُ حِرْفَةِ الصِّرَافَةِ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا، قَال الْبُهُوتِيُّ: لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ، وَفِي نَيْل الْمَآرِبِ: جَعَلَهَا مِنْ أَبْغَضِ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، كَالصِّيَاغَةِ (٣) .


(١) إحياء علوم الدين ١٢ / ٢٢٢١.
(٢) إحياء علوم الدين ٥ / ٧٩٥ ط الشعب.
(٣) شرح منتهى الإرادات ٣ / ٤١١، وكشاف القناع ٦ / ٢١٤، ونيل المآرب ٢ / ٤١٢.