للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحْصُل بِذَلِكَ غَلاَءُ الأَْقْوَاتِ وَالسِّلَعِ وَيَنْتَشِرَ الْفَقْرُ، وَلِتَحْصُل الطُّمَأْنِينَةُ لِلنَّاسِ بِالتَّمَتُّعِ بِثَبَاتِ قِيَمِ مَا حَصَّلُوهُ مِنَ النُّقُودِ بِجُهْدِهِمْ وَسَعْيِهِمْ وَاكْتِسَابِهِمْ؛ لِئَلاَّ تَذْهَبَ هَدْرًا وَيَقَعَ الْخَلَل وَالْفَسَادُ.

وَإِنْ كَانَ سَبَبُ الْخَلَل تَحْرِيمَ الإِْمَامِ لأَِنْوَاعٍ مِنَ النُّقُودِ فَعَلَيْهِ إِبْدَالُهَا لَهُمْ بِمَا يُسَاوِيهَا فِي الْقِيمَةِ، وَأَنْ يُتِيحَ لَهُمُ الْفُرْصَةَ الْكَافِيَةَ مِنَ الْوَقْتِ لإِِجْرَاءِ الاِسْتِبْدَال. وَيَنْبَغِي أَنْ لاَ يَزِيدَ كَمِّيَّةَ الْمَضْرُوبِ الْجَدِيدِ مِنْهَا مِنْ أَجْل الرَّغْبَةِ فِي أَنْ يُحَصِّل لِبَيْتِ الْمَال دَخْلاً مِنْ ذَلِكَ. قَال الْبُهُوتِيِّ: قَال ابْنُ تَيْمِيَةَ: يَنْبَغِي أَنْ يَضْرِبَ الإِْمَامُ لِلرَّعَايَا فُلُوسًا تَكُونُ بِقَدْرِ الْعَدْل فِي مُعَامَلاَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ لَهُمْ، وَلاَ يَتَّجِرُ ذُو السُّلْطَانِ فِي الْفُلُوسِ، بِأَنْ يَشْتَرِيَ نُحَاسًا فَيَضْرِبَهُ فَيَتَّجِرَ فِيهِ، وَلاَ بِأَنْ يُحَرِّمَ عَلَيْهِمُ الْفُلُوسَ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ وَيَضْرِبَ لَهُمْ غَيْرَهَا، بَل يَضْرِبَ النُّحَاسَ بِقِيمَتِهِ مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ فِيهِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَيُعْطِيَ أُجْرَةَ الصُّنَّاعِ مِنْ بَيْتِ الْمَال، فَإِنَّ التِّجَارَةَ فِيهَا ظُلْمٌ عَظِيمٌ، وَأَكْلٌ لأَِمْوَال النَّاسِ بِالْبَاطِل، فَإِنَّهُ إِذَا حَرَّمَ الْمُعَامَلَةَ صَارَتْ عَرْضًا، وَإِذَا ضَرَبَ لَهُمْ فُلُوسًا أُخْرَى أَفْسَدَ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الأَْمْوَال بِنَقْصِ أَسْعَارِهَا (١) . قَال: وَفِي السُّنَنِ عَنِ


(١) كشاف القناع ٢ / ٢٣٢، وانظر مواهب الجليل للحطاب المالكي ٤ / ٣٤٢.