للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّابِقَ عَلَى الاِسْتِحْبَابِ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى الاِسْتِحْبَابِ بِخَبَرِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ مَرْفُوعًا: {أُعَرِّفُ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا} (١) وَحَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالإِْشْهَادِ فِيهِمَا، (٢) وَاكْتُفِيَ بِالتَّعْرِيفِ، وَلاَ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ. فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ، سِيَّمَا وَقَدْ سُئِل عَنْ حُكْمِ اللُّقَطَةِ فَلَمْ يَكُنْ لِيُخِل بِأَمْرٍ وَاجِبٍ فِيهَا فَيَتَعَيَّنُ حَمْل الأَْمْرِ عَلَى النَّدْبِ فِي خَبَرِ عِيَاضٍ. وَلأَِنَّهُ أَمَانَةٌ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى الإِْشْهَادِ كَالْوَدِيعَةِ (٣) . ب - وُجُوبُ الإِْشْهَادِ: وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ. جَاءَ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ الإِْشْهَادَ لاَ بُدَّ مِنْهُ عِنْدَ الإِْمَامِ: (٤) وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ إِنْ تَحَقَّقَ الْمُلْتَقِطُ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ سَيَجْحَدُ اللُّقَطَةَ. (٥) وَوُجُوبُ الإِْشْهَادِ هُوَ مُقَابِل الْمَذْهَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. قَالُوا: فِي الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى بَقِيَّةِ الأَْخْبَارِ، وَهِيَ الأَْمْرُ بِالإِْشْهَادِ، وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، وَالأَْصْل فِي الأَْمْرِ الْوُجُوبُ، وَلاَ مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الأَْخْبَارِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَمْرٌ. (٦) وَالإِْشْهَادُ يَكُونُ حِينَ الأَْخْذِ إِنْ أَمْكَنَ، وَإِلاَّ أَشْهَدَ عِنْدَ أَوَّل التَّمَكُّنِ مِنْهُ. (٧)


(١) خبر زيد بن خالد مرفوعا: " اعرف وكاءها وعفاصها. . . . . " أخرجه البخاري ومسلم (فتح الباري ٥ / ٨٠ - ط السلفية، وصحيح مسلم ٣ / ١٣٤٨ ط الحلبي) .
(٢) حديث أبي كعب: " احفظ وعاءها وعددها ووكاءها " أخرجه البخاري ومسلم (الفتح ٥ / ٧٨ ط السلفية، وصحيح مسلم ٣ / ١٣٥٠) .
(٣) المغني ٥ / ٧٠٨، ٧٠٩.
(٤) ابن عابدين ٣ / ٣١٩ ط بولاق الأولى.
(٥) الدسوقي ٤ / ١٢٦.
(٦) الجمل على المنهج ٣ / ٦٠٣، والشرواني على التحفة ٦ / ٣١٩.
(٧) ابن عابدين ٣ / ٣١٩، والزرقاني على خليل ٧ / ١٢٠، والمغني ٥ / ٧٠٨.