للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْلِيقِ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَأَمَّا تَعْلِيقُهُ عَلَى أَمْرٍ حَالٍّ فَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَذَلِكَ كَمَنْ خُطِبَتْ إِلَيْهِ ابْنَتُهُ فَقَال زَوَّجْتُهَا، فَلَمْ يُصَدِّقِ الْخَاطِبُ فَقَال: إِنْ لَمْ أَكُنْ زَوَّجْتُهَا مِنْ فُلاَنٍ فَقَدْ زَوَّجْتُهَا مِنْكَ فَقَبِل بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَوَّجَهَا حَيْثُ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، لأَِنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ لِلْحَال، وَالتَّعْلِيقُ بِكَائِنٍ لِلْحَال تَحْقِيقٌ وَتَنْجِيزٌ (١) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجُوزُ التَّعْلِيقُ بِالشُّرُوطِ الْحَاضِرَةِ وَالشُّرُوطِ الْمَاضِيَةِ مِثْل قَوْلِهِ: زَوَّجْتُكَ هَذَا الْمَوْلُودَ إِنْ كَانَ أُنْثَى وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهَا أُنْثَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ حَقِيقَةً إِذِ الْمَاضِي وَالْحَاضِرُ لاَ يَقْبَلُهُ (٢) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى الشُّرُوطِ الْحَاضِرَةِ أَيْضًا.

وَقَالُوا: لَوْ بُشِّرَ شَخْصٌ بِوَلَدٍ فَقَال لآِخَرَ: إِنْ كَانَتْ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَقَبِل فَالْمَذْهَبُ بُطْلاَنُ النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ كَذَلِكَ لِوُجُودِ صُورَةِ التَّعْلِيقِ وَفَسَادِ الصِّيغَةِ.

وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ أُخْبِرَ شَخْصٌ بِحُدُوثِ


(١) فتح القدير ٣ / ١٠٥، ١١٠.
(٢) كشاف القناع ٥ / ٤٠.