للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالإِْنْكَاحِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الإِْنْكَاحِ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ، وَلأَِنَّ الْوَكِيل فِي بَابِ النِّكَاحِ لَيْسَ بِعَاقِدٍ، بَل هُوَ سَفِيرٌ عَنِ الْعَاقِدِ وَمُعَبِّرٌ عَنْهُ بِدَلِيل أَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ وَالْعَقْدِ لاَ تَرْجِعُ إِلَى الْوَكِيل، وَإِذَا كَانَ مُعَبِّرًا عَنْهُ وَلَهُ وِلاَيَةٌ عَلَى الزَّوْجَيْنِ فَكَانَتْ عِبَارَتُهُ كَعِبَارَةِ الْمُوَكِّل فَصَارَ كَلاَمُهُ كَكَلاَمِ شَخْصَيْنِ، فَيُعْتَبَرُ إِيجَابُهُ كَلاَمًا لِلْمَرْأَةِ كَأَنَّهَا قَالَتْ: زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْ فُلاَنٍ وَقَبُولُهُ كَلاَمًا لِلزَّوْجِ كَأَنَّهُ قَال: قَبِلْتُ فَيَقُومُ الْعَقْدُ بِاثْنَيْنِ حُكْمًا، وَالثَّابِتُ بِالْحُكْمِ مُلْحَقٌ بِالثَّابِتِ حَقِيقَةً (١) . قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَمَّا وَرَدَ " أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَال لأُِمِّ حَكِيمِ بِنْتِ قَارِظٍ: أَتَجْعَلِينَ أَمْرَكِ إِلَيَّ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَال: قَدْ تَزَوَّجْتُكِ (٢) "، وَلأَِنَّهُ يَمْلِكُ الإِْيجَابَ وَالْقَبُول فَجَازَ أَنْ يَتَوَلاَّهُمَا كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ، وَلأَِنَّهُ عَقْدٌ وُجِدَ فِيهِ الإِْيجَابُ مِنْ وَلِيٍّ ثَابِتِ الْوِلاَيَةِ وَالْقَبُول مِنْ زَوْجٍ هُوَ أَهْلٌ


(١) بدائع الصنائع ٢ / ٢٣٢.
(٢) حديث: " أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم. . . ". أخرجه البخاري معلقا (فتح الباري ٩ / ١٨٨ - ط السلفية) ووصله ابن سعد في الطبقات كما في التغليق لابن حجر (٤ / ٤١٦ - ط المكتب الإسلامي) .