للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّهُمْ سَيَقُولُونَ لَكَ فَارِقْهَا، فَلاَ تَفْعَل فَإِنِّي مُقِيمَةٌ لَكَ مَا تَرَى، وَاذْهَبْ إِلَى عُمَرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَتَوْهُ وَأَتَوْهَا، فَقَالَتْ: كَلِّمُوهُ أَنْتُمْ جِئْتُمْ بِهِ، فَكَلَّمُوهُ، فَأَبَى وَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ، فَقَال: الْزَمِ امْرَأَتَكَ فَإِنْ رَابُوكَ بِرَيْبٍ فَائْتِنِي، وَأَرْسَل إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي مَشَتْ فَنَكَّل بِهَا، ثُمَّ كَانَ يَغْدُو إِلَى عُمَرَ وَيَرُوحُ فِي حُلَّةٍ فَيَقُول: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَاكَ يَا ذَا الرُّقْعَتَيْنِ حُلَّةً تَغْدُو فِيهَا وَتَرُوحُ " (١) فَقَدْ أَمْضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا النِّكَاحَ وَلَمْ يَرَ فِيهِ بَأْسًا حَيْثُ تَقَدَّمَ فِيهِ الشَّرْطُ عَلَى الْعَقْدِ (٢) .

إِلاَّ أَنَّ هَذَا النِّكَاحَ يُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خُرُوجًا مِنْ خِلاَفِ مَنْ أَبْطَلَهُ، وَلأَِنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَكَّل بِالْمَرْأَةِ الَّتِي سَفَّرَتْ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ فِي الْقِصَّةِ السَّابِقَةِ فَدَل عَلَى كَرَاهَتِهِ.

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَيَرَوْنَ أَنَّ هَذَا النِّكَاحَ مُسْتَحَبٌّ، وَأَنَّ الرَّجُل الْمُحَلِّل مَأْجُورٌ فِيهِ إِذَا فَعَلَهُ لِقَصْدِ الإِْصْلاَحِ، لاَ مُجَرَّدَ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَنَحْوِهَا إِلاَّ


(١) أَثَر ابْن سِيرِين: " أَنَّ امْرَأَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا. . . ". أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيّ فِي الأُْمِّ (١٠ / ٢٧٤ - ط دَار قُتَيْبَة) .
(٢) الْمُغْنِي لاِبْن قُدَامَة ٦ / ٦٤٧ - ٦٤٨، وَالْحَاوِي الْكَبِير للماوردي ١١ / ٤٥٧، وَكَشَّاف الْقِنَاع ٥ / ٩٥