للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وُجِدَ فَيْءٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَضْرِبَ الإِْمَامُ الْجُعْل عَلَى النَّاسِ لِلَّذِينِ يَخْرُجُونَ إِلَى الْجِهَادِ؛ لأَِنَّهُ يُشْبِهُ الأَْجْرَ عَلَى الطَّاعَةِ، فَحَقِيقَتُهُ حَرَامٌ، فَيُكْرَهُ مَا أَشْبَهَهُ؛ وَلأَِنَّ مَال بَيْتِ الْمَال مُعَدٌّ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا مِنْ جُمْلَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي بَيْتِ الْمَال فَيْءٌ لاَ يُكْرَهُ؛ لأَِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْجِهَادِ مَاسَّةٌ، وَفِيهِ تَحَمُّل الضَّرَرِ الأَْدْنَى لِدَفْعِ الأَْعْلَى، وَقَدْ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُرُوعًا مِنْ صَفْوَانَ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِغَيْرِ رِضَاهُ (١) وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَغْزِي الْعَزْبَ عَنْ ذِي الْحَلِيلَةِ، وَيُعْطِي الشَّاخِصَ فَرَسَ الْقَاعِدِ، وَقِيل: يُكْرَهُ أَيْضًا لِمَا بَيَّنَّا، وَالصَّحِيحُ الأَْوَّل؛ لأَِنَّهُ تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ، وَجِهَادٌ مِنَ الْبَعْضِ بِالْمَال وَمِنَ الْبَعْضِ بِالنَّفْسِ، وَأَحْوَال النَّاسِ مُخْتَلِفَةٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْجِهَادِ بِالنَّفْسِ وَالْمَال، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدِرُ بِأَحَدِهِمَا، وَكُل ذَلِكَ وَاجِبٌ (٢) لِقَوْلِهِ


(١) حديث: " أخذ النبي صلى الله عليه وسلم دروعا من صفوان عند الحاجة بغير، رضاه ". نصه عن صفوان بن أمية " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا صفوان هل عندك من سلاح؟ قال: عارية أم غصبا؟ قال: لا بل عارية، فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعا. . وأحمد في المسند (٣ / ٤٠١، ٦ / ٤٦٥ ط الميمنية) وليس فيه أنه قال: " بغير رضاه ".
(٢) تبيين الحقائق ٣ / ٢٤٢، والدر المختار وحاشية ابن عابدين ٢ / ٥٧، و ٥ / ٢٨٢، والهداية وشروحها ٦ / ٣٣٢