للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَجِّ فَيَقْتَضِي تَصَوُّرَ الأَْدَاءِ، وَالأَْدَاءُ مُتَصَوَّرٌ بِوَاسِطَةِ التَّعْيِينِ، فَإِذَا جَعَلَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا قَبْل أَنْ يَتَّصِل بِهِ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَال الْحَجِّ تَعَيَّنَ لَهُ فَيَقَعُ عَنْهُ.

فَإِذَا لَمْ يَجْعَل الْحَجَّةَ عَنْ أَحَدِهِمَا حَتَّى طَافَ شَوْطًا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا عَنْ أَحَدِهِمَا لَمْ تَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لأَِنَّهُ إِذَا اتَّصَل بِهِ الأَْدَاءُ تَعَذَّرَ تَعْيِينُ الْقَدْرِ الْمُؤَدَّى؛ لأَِنَّ الْمُؤَدَّى قَدْ مَضَى وَانْقَضَى فَلاَ يُتَصَوَّرُ تَعْيِينُهُ فَيَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ، وَصَارَ إِحْرَامُهُ وَاقِعًا لَهُ لاِتِّصَال الأَْدَاءِ بِهِ (١) .

وَالْقِيَاسُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَهَا عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (٢) وَيَقَعُ الْحَجُّ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَضْمَنُ النَّفَقَةَ لَهُمَا، وَهُوَ احْتِمَالٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (٣) .

وَوَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهُ خَالَفَ الأَْمْرَ لأَِنَّهُ أُمِرَ بِالْحَجِّ لِمُعَيَّنٍ وَقَدْ حَجَّ لِمُبْهَمٍ، وَالْمُبْهَمُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ، فَصَارَ مُخَالِفًا وَيَضْمَنُ النَّفَقَةَ، وَيَقَعُ الْحَجُّ عَنْ نَفْسِهِ. بِخِلاَفِ مَا إِذَا أَحْرَمَ الاِبْنُ بِالْحَجِّ عَنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مُعَيَّنًا؛ لأَِنَّ الاِبْنَ فِي حَجِّهٍ لأَِبَوَيْهِ لَيْسَ مُتَصَرِّفًا بِحُكْمِ الآْمِرِ حَتَّى يَصِيرَ مُخَالِفًا لِلأَْمْرِ، بَل هُوَ


(١) البدائع ٢ / ٢١٥.
(٢) البدائع ٢ / ٢١٤.
(٣) المغني ٥ / ٣٠.