للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الْمَرِيضِ قَبْل مَوْتِهِ بِالصِّيَاحِ وَغَيْرِ الصِّيَاحِ، فَهُوَ مُبَاحٌ إِذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِقَوْلٍ قَبِيحٍ (١) . وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَتِيكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ عَلَيْهِ، فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَاسْتَرْجَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال: غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ، فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ، فَجَعَل جَابِرٌ يُسْكِتُهُنَّ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْهُنَّ، فَإِذَا وَجَبَ فَلاَ تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، وَمَا الْوُجُوبُ؟ قَال: إِذَا مَاتَ (٢) ، قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِيهِ إِبَاحَةُ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَرِيضِ بِالصِّيَاحِ وَغَيْرِ الصِّيَاحِ عِنْدَ حُضُورِ وَفَاتِهِ، أَلاَ تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ، فَجَعَل جَابِرٌ يُسْكِتُهُنَّ، وَتَسْكِيتُ جَابِرٍ لَهُنَّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لأَِنَّهُ كَانَ قَدْ سَمِعَ النَّهْيَ عَنِ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَوْتَى، فَاسْتَعْمَل ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ، حَتَّى قَال لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْهُنَّ يَبْكِينَ حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ فَلاَ تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ،


(١) الاستذكار ٨ / ٣١٢، والخرشي وحاشية العدوي ١ / ١٣٣، وحاشية العدوي على كفاية الطالب ١ / ٣٤٧.
(٢) حديث: " جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجبه. . . " أخرجه مالك في الموطأ (٢ / ٢٣٣ ط عيسى الحلبي) والحاكم (١ / ٣٥٢ ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.