للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَيْرِهَا، إِنَّهَا لاَ تَبْكِي عَلَى مَيِّتِكُمْ، وَإِنَّمَا تَبْكِي لأَِخْذِ دَرَاهِمِكُمْ (١) ".

وَلَكِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ لاَ يُعَاقَبُ بِالضَّرْبِ عَلَى النِّيَاحَةِ، وَإِنَّمَا تُمْنَعُ النَّائِحَةُ مِنَ الاِسْتِمْرَارِ، وَتُنْصَحُ بِعَدَمِ الْعَوْدِ، وَإِلاَّ نُفِيَتْ مِنَ الْبَلَدِ (٢) ، وَاسْتَدَل الْقَارِّيُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الضَّرْبِ بِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ لَمَّا مَاتَتْ زَيْنَبُ (وَفِي رِوَايَةٍ رُقَيَّةُ) ابْنَةُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَكَتِ النِّسَاءُ، فَجَعَل عُمَرُ يَضْرِبُهُنَّ بِسَوْطِهِ، فَأَخَذَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَقَال: مَهْلاً يَا عُمَرُ، ثُمَّ قَال: ابْكِينَ وَإِيَّاكُنَّ وَنَعِيقَ الشَّيْطَانِ، ثُمَّ قَال: إِنَّهُ مَهْمَا كَانَ مِنَ الْعَيْنِ وَالْقَلْبِ فَمِنَ اللَّهِ وَمِنَ الرَّحْمَةِ، وَمَا كَانَ مِنَ الْيَدِ وَاللِّسَانِ فَمِنَ الشَّيْطَانِ (٣) ، قَال الْقَارِّيُّ: فِيهِ إِشْعَارٌ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الضَّرْبُ عَلَى النِّيَاحَةِ، بَل يَنْبَغِي النَّصِيحَةُ، وَلِذَلِكَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَال لَهُ: (مَهْلاً) ، أَيْ أَمْهِلْهُنَّ (٤) . وَنَصَّ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَلَى وُجُوبِ النَّهْيِ عَنِ النِّيَاحَةِ، فَإِنْ لَمْ تَرْتَدِعِ النَّائِحَةُ


(١) الكبائر ص ١٨٤، ومجموع الفتاوى ٣٢ / ٢٥١.
(٢) المرقاة ٤ / ٢٣٥ ط دار الفكر، بيروت ١٩٩٢، ومعالم القربة ص ١٠٦.
(٣) حديث: " ابكين وإياكن ونعيق الشيطان ". أخرجه أحمد (١ / ٢٣٧ ط الميمنية) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٣ / ١٧ ط القدسي) فيه علي بن زيد وفيه كلام وهو موثق.
(٤) مرقاة المفاتيح ٤ / ٢٣٥، ٢٣٦.