للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلاَّ لِذَلِكَ، فَتَمَيَّزَتِ الْعِبَادَةُ فِيهِ، بِخِلاَفِ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ يُؤْتَى لِذَلِكَ وَلإِِزَالَةِ الدَّرَنِ، وَالرَّفَاهِيَةُ غَالِبَةٌ فِيهِ، فَلَمْ تَتَمَيَّزِ الْعِبَادَةُ وَافْتَقَرَتْ إِلَى النِّيَّةِ.

وَقِيل: لاَ تُجْزِئُ النِّيَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَتَّى تَتَّصِل بِفِعْل الْوَاجِبِ.

وَقِيل: إِذَا نَوَى عِنْدَ أَوَّل الْوُضُوءِ وَهُوَ أَوَّل السُّنَنِ أَجْزَأَهُ؛ لأَِنَّ الثَّوَابَ عَلَى السُّنَنِ، وَالتَّقَرُّبَ بِهَا إِنَّمَا يَحْصُل عِنْدَ النِّيَّةِ.

وَقِيل: إِنْ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ قَبْل الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ وَبَعْدَ الْيَدَيْنِ لاَ يُجْزِئُهُ، وَإِنِ اتَّصَلَتْ بِهِمَا وَعَزَبَتْ قَبْل الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ؛ لأَِنَّ الْمَضْمَضَةَ مِنَ الْوَجْهِ وَبِهَا غَسْل ظَاهِرِ الْفَمِ وَهِيَ الشَّفَةُ مِنَ الْوَجْهِ (١) .

١٦ - وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْغَرَضُ مِنَ النِّيَّاتِ تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ تَمْيِيزُ رُتَبِ الْعِبَادَاتِ، وَلِذَا وَجَبَ أَنْ تَقْتَرِنَ النِّيَّةُ بِأَوَّل الْعِبَادَةِ لِيَقَعَ أَوَّلُهَا مُمَيَّزًا ثُمَّ يَبْتَنِي عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، إِلاَّ أَنْ يَشُقَّ مُقَارَنَتُهَا إِيَّاهَا كَمَا فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ.

فَإِنْ تَأَخَّرَتِ النِّيَّةُ عَنْ أَوَّل الْعِبَادَةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إِلاَّ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ؛ لأَِنَّ مَا مَضَى يَقَعُ مُرَدَّدًا بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْعَادَةِ، أَوْ بَيْنَ رُتَبِ الْعِبَادَةِ.


(١) الذخيرة ص ٢٤٣.