للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: الإِْخْلاَصُ أَنْ يَفْعَل الْمُكَلَّفُ الطَّاعَةَ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، لاَ يُرِيدُ بِهَا تَعْظِيمًا مِنَ النَّاسِ وَلاَ تَوْقِيرًا وَلاَ جَلْبَ نَفْعٍ دِينِيٍّ وَلاَ دَفْعَ ضَرَرٍ دُنْيَوِيٍّ، وَلَهُ رُتَبٌ، مِنْهَا أَنْ يَفْعَلَهَا خَوْفًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَمِنْهَا أَنْ يَفْعَلَهَا تَعْظِيمًا لِلَّهِ، وَمَهَابَةً وَانْقِيَادًا وَإِجَابَةً، وَلاَ يَخْطُرُ لَهُ عَرَضٌ مِنَ الأَْعْرَاضِ، بَل يَعْبُدُ مَوْلاَهُ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، وَإِذَا رَآهُ غَابَتْ عَنْهُ الأَْكْوَانُ كُلُّهَا وَانْقَطَعَتِ الأَْعْرَاضُ بِأَسْرِهَا (١) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ فِي تَعْرِيفِ النِّيَّةِ شَرْعًا: إِنَّهَا عَزْمُ الْقَلْبِ عَلَى فِعْل الْعِبَادَةِ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، بِأَنْ يَقْصِدَ بِعَمَلِهِ اللَّهَ تَعَالَى دُونَ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ تَصَنُّعٍ لِمَخْلُوقٍ أَوِ اكْتِسَابِ مَحْمَدَةٍ عِنْدَ النَّاسِ أَوْ مَحَبَّةِ مَدْحٍ مِنْهُمْ أَوْ نَحْوِهِ، وَهَذَا هُوَ الإِْخْلاَصُ.

وَقَال بَعْضُهُمْ: هُوَ تَصْفِيَةُ الْفِعْل عَنْ مُلاَحَظَةِ الْمَخْلُوقِينَ، وَقَال آخَرُ: هُوَ التَّوَقِّي عَنْ مُلاَحَظَةِ الأَْشْخَاصِ، وَقَال آخَرُ: هُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفِعْل لِدَاعِيَةٍ وَاحِدَةٍ وَلاَ يَكُونُ لِغَيْرِهَا مِنَ الدَّوَاعِي تَأْثِيرٌ فِي الدُّعَاءِ إِلَى ذَلِكَ الْفِعْل (٢) .

وَفِي الْخَبَرِ: قَال اللَّهُ تَعَالَى: الإِْخْلاَصُ سِرٌّ مِنْ سِرِّي، اسْتَوْدَعْتُهُ قَلْبَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ مِنْ


(١) قواعد الأحكام ١ / ١٢٣.
(٢) كشاف القناع ١ / ٣١٣، ٣١٥.