للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْل: أَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ تَقَعُ تَبَرُّعًا ابْتِدَاءً، ثُمَّ تَصِيرُ بَيْعًا فِي الاِنْتِهَاءِ، بِدَلِيل أَنَّهَا لاَ تُفِيدُ الْمِلْكَ قَبْل الْقَبْضِ، وَلَوْ وَقَعَتْ بَيْعًا مِنْ حِينِ وُجُودِهَا لَمَا تَوَقَّفَ الْمِلْكُ فِيهَا عَلَى الْقَبْضِ، لأَِنَّ الْبَيْعَ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ، فَدَل عَلَى أَنَّهَا وَقَعَتْ تَبَرُّعًا ابْتِدَاءً، وَتَبَرُّعُ هَؤُلاَءِ مَمْنُوعٌ فَلَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ حِينَ وُجُودِهَا، وَلاَ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ بَيْعًا، فَالأَْصْل عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ: أَنَّ كُل مَنْ لاَ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ لاَ يَمْلِكُ الْهِبَةَ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِهِ.

الثَّانِي: تَجُوزُ هِبَةُ الأَْبِ مَال ابْنِهِ الصَّغِيرِ مَعَ شَرْطِ الْعِوَضِ، وَبِهِ قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ.

وَذَلِكَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الأَْصْل عِنْدَهُ: أَنَّ مَنْ يَمْلِكُ الْبَيْعَ يَمْلِكُ الْهِبَةَ بَعِوَضٍ. فَالْهِبَةُ تَمْلِيكٌ، فَإِذَا شَرَطَ فِيهَا الْعِوَضَ كَانَتْ تَمْلِيكًا بِعِوَضٍ، وَهُوَ تَفْسِيرُ الْبَيْعِ، وَلاَ عِبْرَةَ بِاخْتِلاَفِ الْعِبَارَةِ بَعْدَ اتِّفَاقِ الْمَعْنَى كَلَفْظِ الْبَيْعِ وَلَفْظِ التَّمْلِيكِ (١) وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ هِبَةِ الأَْبِ مَال ابْنِهِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ (٢) .


(١) بدائع الصنائع ٦ / ١١٨.
(٢) الخرشي ٧ / ١٢٠، وحاشية الدسوقي ٤ / ١٠١، وحاشية العدوي على الخرشي ٧ / ١٠٣.